وعلى حليلته أمّ المؤمنين ، لإرضاء مستمعيه بافتعال منقبة لعمر ذاهلاً عن أنّ التاريخ يكذّبه ويكشف عن سوأته ولو بعد حين.
أخرج الحاكم من طريق ابن شهاب قال : إنّ عمر بن عبد العزيز سأل أبا بكر ابن سليمان بن أبي خيثمة : لأيّ شيء كان يُكتب : من خليفة رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم في عهد أبي بكر رضى الله عنه ثمّ كان عمر يكتب أوّلاً : من خليفة أبي بكر؟ فمن أوّل من كتب : من أمير المؤمنين؟ فقال : حدّثتني الشفاء وكانت من المهاجرات الأوّل : إنّ عمر بن الخطّاب رضى الله عنه كتب إلى عامل العراق بأن يبعث إليه رجلين جلدين يسألهما عن العراق وأهله ، فبعث عامل العراق بلبيد بن ربيعة وعديّ بن حاتم ، فلمّا قدما المدينة أناخا راحلتيهما بفناء المسجد ثمّ دخلا المسجد فإذا هما بعمرو بن العاص فقالا : استأذن لنا يا عمرو على أمير المؤمنين ، فقال عمرو : أنتما والله أصبتما اسمه ، هو الأمير ونحن المؤمنون ، فوثب عمرو فدخل على أمير المؤمنين. فقال : السلام عليك يا أمير المؤمنين ، فقال عمر : ما بدا لك في هذا الاسم يا ابن العاص ، ربّي يعلم لتخرجنّ ممّا قلت. قال : إنّ لبيد بن ربيعة وعدي بن حاتم قدما فأناخا راحلتيهما بفناء المسجد ثمّ دخلا عليّ فقالا لي : استأذن لنا يا عمرو على أمير المؤمنين فهما والله أصابا اسمك ، نحن المؤمنون وأنت أميرنا ، قال : فمضى به الكتاب من يومئذٍ.
أخرجه الحاكم في المستدرك (١) وصحّحه. وقال الذهبي في تلخيص المستدرك : صحيح. وقال السيوطي في شرح شواهد المغني (٢) (ص ٥٧) : روينا بسند صحيح أنّ لبيد بن ربيعة وعديّ بن حاتم هما اللذان سمّيا عمر بن الخطّاب أمير المؤمنين حين قدما عليه من العراق. وذكر القصّة في تاريخ الخلفاء (٣) (ص ٩٤).
__________________
(١) المستدرك على الصحيحين : ٣ / ٨٧ ح ٤٤٨٠.
(٢) شرح شواهد المغني : ١ / ١٥٥ رقم ٥٩.
(٣) تاريخ الخلفاء : ص ١٢٩.