بمنى بيتاً يظلّك من الحرّ؟ فقال : لا ، منى مناخ من سبق ، فتأوّل عثمان أنّ القصر إنّما في حال السفر (١).
أنا لا أدري ما صلة كثرة المساكن وصيرورة المحلّ قرية بحكم القصر والإتمام؟ وهل السفر يتحقّق بالمفاوز والفلوات دون القرى والمدن حتى إذا لم ينو فيها الإقامة؟ إنّ هذا لحكم عجاب ، وهذه فتوى من لا يعرف مغزى الشريعة ، ولا ملاك تحقق السفر والحضر المستتبعين للقصر والإتمام ، على أنّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم صلّى أيّام إقامته بمكة قصراً وكذلك في خيبر ، وكانت مكة أمّ القرى ، وفي خيبر قلاع وحصون مشيّدة وقرى ورساتيق ، وكذلك كان يفعل في أسفاره ، وكان يمرّ بها على قرية ويهبط أخرى.
على أنّ صيرورة المحلّ قرية لم تكن مفاجأة منها وإنّما عادت كذلك بالتدريج ، ففي أيّ حدّ منها كان يلزم الخليفة تغيير الحكم؟ وعلى أيّ حدّ غيّر؟ أنا لا أدري.
٢ ـ إنّه أقام بها ثلاثاً وقد قال النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم : «يقيم المهاجر بعد قضاء نسكه بمكة / ثلاثاً» فسمّاه مقيماً والمقيم غير مسافر (٢). وفي لفظ مسلم (٣) : «يمكث المهاجر بمكة بعد قضاء نسكه ثلاثاً». وفي لفظ البخاري : «للمهاجر إقامة ثلاث بعد الصدر بمكة» انتهى (٤).
إنّ ملاك قطع السفر ليس صدق لفظ الإقامة ، فليست المسألة لغويّة وإنّما هي شرعيّة ، وقد أناطت السنّة الشريفة الإتمام في السفر بإقامة محدودة ليس فيما دونها إلاّ
__________________
(١) ذكره ابن القيّم في زاد المعاد [١ / ١٢٩] هامش شرح المواهب للزرقاني : ٢ / ٢٤ وفنّده بقول موجز. (المؤلف)
(٢) هذا الوجه ذكره ابن القيّم في زاد المعاد [١ / ١٢٩] هامش شرح المواهب : ٢ / ٢٤ ونقده بكلام وجيز. (المؤلف)
(٣) صحيح مسلم : ٣ / ١٥٩ ح ٤٤٤ كتاب الحج.
(٤) ألفاظ هذا الحديث مذكورة في تاريخ الخطيب : ٦ / ٢٦٧ ـ ٢٧٠ [رقم ٣٢٩٩]. (المؤلف)