سمعت أباك يقول : إنّ لي من الله مقاماً لهو خير لبني عبد المطّلب ممّا على الأرض من شيء. فقال عمر : وأنا سمعت أبي يقول : ما كلمة حكمة في قلب منافق فيخرج من الدنيا إلاّ يتكلّم بها. فقال سعيد : يا ابن أخي جعلتني منافقاً؟ قال : هو ما أقول لك. ثمّ انصرف.
وأخرج الواقدي من أنّ سعيد بن المسيّب مرّ بجنازة السجّاد عليّ بن الحسين ابن عليّ بن أبي طالب عليهمالسلام ولم يصلّ عليها ، فقيل له : ألا تصلي على هذا الرجل الصالح من أهل البيت الصالحين؟فقال : صلاة ركعتين أحب إليّ من الصلاة على الرجل الصالح!
ويعرّفك سعيد بن المسيّب ومبلغه من الحيطة في دين الله ما ذكره ابن حزم في المحلّى (٤ / ٢١٤) عن قتادة قال : قلت لسعيد : أنصلّي خلف الحجّاج؟ قال : إنّا لنصلّي خلف من هو شرّ منه.
٢ ـ إنّ ظاهر رواية البخاري كغيرها تعاقب نزول الآيتين عند وفاة أبي طالب عليهالسلام ، كما أنّ صريح ما ورد في كلّ واحدة من الآيتين نزولها عند ذاك ، ولا يصحّ ذلك لأنّ الآية الثانية منهما مكيّة والأولى مدنيّة نزلت بعد الفتح بالاتّفاق وهي في سورة براءة المدنيّة التي هي آخر ما نزل من القرآن (١) فبين نزول الآيتين ما يقرب من عشر سنين أو يربو عليها.
٣ ـ إنّ آية الاستغفار نزلت بالمدينة بعد موت أبي طالب بعدّة سنين تربو
__________________
(١) صحيح البخاري : ٧ / ٦٧ في آخر سورة النساء [٤ / ١٦٨١ ح ٤٣٢٩] ، الكشّاف : ٢ / ٤٩ [٢ / ٣١٥] ، تفسير القرطبي : ٨ / ٢٧٣ [٨ / ١٧٣] ، الإتقان : ١ / ١٧ [١ / ٢٧] ، تفسير الشوكاني : ٣ / ٣١٦ [٢ / ٣٣١] ، نقلاً عن ابن أبي شيبة [في مصنّفه : ١٠ / ٥٤٠ ح ١٢٦٢] والبخاري والنسائي [في السنن الكبرى : ٦ / ٣٥٣ ح ١١٢١٢] وابن الضريس وابن المنذر والنحّاس وأبي الشيخ وابن مردويه عن طريق البراء بن عازب. (المؤلف)