على ثمانية أعوام ، فهل كان النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم خلال هذه المدّة يستغفر لأبي طالب عليهالسلام أخذاً بقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : والله لأستغفرنّ لك ما لم أُنه عنك؟ وكيف كان يستغفر له؟ وكان هو صلىاللهعليهوآلهوسلم والمؤمنون ممنوعين عن موادّة المشركين والمنافقين وموالاتهم والاستغفار لهم ـ الذي هو من أظهر مصاديق الموادّة والتحابب ـ منذ دهر طويل بقوله تعالى : (لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوادُّونَ مَنْ حَادَّ اللهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كانُوا آباءَهُمْ أَوْ أَبْناءَهُمْ أَوْ إِخْوانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ) الآية.
هذه آية (٢٢) من سورة المجادلة المدنيّة النازلة قبل سورة براءة التي فيها آية الاستغفار بسبع سور كما في الإتقان (١) (١ / ١٧) ، وأخرج : (٢) ابن أبي حاتم ، والطبراني ، والحاكم ، وأبو نعيم ، والبيهقي ، وابن كثير كما في تفسيره (٤ / ٣٢٩) ، وتفسير الشوكاني (٥ / ١٨٩) ، وتفسير الآلوسي (٢٨ / ٣٧) أنّ هذه الآية نزلت يوم بدر وكانت في السنة الثانية من الهجرة الشريفة ، أو نزلت على ما في بعض التفاسير في أُحد وكانت في السنة الثالثة باتّفاق الجمهور كما قاله الحلبي في السيرة (٣) ، فعلى هذه كلّها نزلت هذه الآية قبل آية الاستغفار بعدّة سنين.
وبقوله تعالى (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْكافِرِينَ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَتُرِيدُونَ أَنْ تَجْعَلُوا لِلَّهِ عَلَيْكُمْ سُلْطاناً مُبِيناً).
هذه الآية (١٤٤) من سورة النساء وهي مكيّة على قول النحّاس وعلقمة وغيرهما ممّن قالوا : إنّ قوله تعالى : (يا أَيُّهَا النَّاسُ). حيث وقع إنّما هو مكّي (٤) ، وإن
__________________
(١) الإتقان في علوم القرآن : ١ / ٢٧.
(٢) المعجم الكبير : ١ / ١٥٤ ح ٣٦٠ ، المستدرك على الصحيحين : ٣ / ٢٩٦ ح ٥١٥٢ ، حلية الأولياء : ١ / ١٠١ رقم ١٠ ، السنن الكبرى للبيهقي : ٩ / ٢٧ ، فتح القدير : ٥ / ١٩٤.
(٣) السيرة الحلبية : ٢ / ٢١٦.
(٤) تفسير القرطبي : ٥ / ١ [٥ / ٣].