أخذنا بما صحّحه القرطبي في تفسيره (٥ / ١) وذهب إليه الآخرون من أنّها مدنيّة أخذاً بما في صحيح البخاري (١) من حديث عائشة : ما نزلت سورة النساء إلاّ وأنا عند رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فإنّها نزلت في أوليات الهجرة الشريفة بالمدينة ، وعلى أيٍّ من التقديرين نزلت قبل سورة آية الاستغفار ـ البراءة ـ بإحدى وعشرين سورة كما في الإتقان (٢) (١ / ١٧).
وبقوله سبحانه : (الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكافِرِينَ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَيَبْتَغُونَ عِنْدَهُمُ الْعِزَّةَ).
هذه الآية (١٣٩) من سورة النساء وقد عرفت أنّها نزلت قبل براءة.
وبقوله تعالى : (لا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكافِرِينَ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللهِ فِي شَيْءٍ إِلاَّ أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقاةً وَيُحَذِّرُكُمُ اللهُ نَفْسَهُ وَإِلَى اللهِ الْمَصِيرُ).
هذه الآية (٢٨) من آل عمران ، نزل صدرها إلى بضع وثمانين آية في أوائل الهجرة الشريفة يوم وفد نجران كما في سيرة ابن هشام (٣) (٢ / ٢٠٧) ، وأخذاً بما رواه القرطبي وغيره (٤) نزلت هذه الآية في عبادة بن الصامت يوم الأحزاب كانت في الخمس من الهجرة ، وعلى أيّ من التقديرين وغيرهما نزلت آل عمران قبل براءة ـ سورة آية الاستغفار ـ بأربع وعشرين سورة كما في الإتقان (٥) (١ / ١٧).
وبقوله تعالى : (سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ لَنْ يَغْفِرَ اللهُ لَهُمْ)
__________________
(١) صحيح البخاري : ٧ / ٣٠٠ [٤ / ١٩١٠ ح ٤٧٠٧] في كتاب التفسير باب تأليف القرآن ، وذكره القرطبي في تفسيره : ٥ / ١. (المؤلف)
(٢) الإتقان في علوم القرآن : ١ / ٢٧.
(٣) السيرة النبوية : ٢ / ٢٢٥.
(٤) تفسير القرطبي : ٤ / ٥٨ [٤ / ٣٨] ، تفسير الخازن : ١ / ٢٣٥ [١ / ٢٢٧]. (المؤلف)
(٥) الإتقان في علوم القرآن : ١ / ٢٧.