ولو كان المسلمون يعترفون بوجود القماذبان وما في الأرض أحد إلاّ معه وهو الذي عفا عن قاتل أبيه ، فما معنى قول الخليفة : وقد عفوت ، أفتعفون؟ وقوله في حديث البيهقي : قد عفوت عن عبيد الله بن عمر؟ وما معنى استيهاب الخليفة المسلمين ووليّ المقتول حيّ يرزق؟ وما معنى مبادرة المسلمين إلى موافقته في العفو والهبة؟ وما معنى تشديد مولانا أمير المؤمنين في النكير على من تماهل في القصاص؟ وما معنى قوله عليهالسلام لعبيد الله «يا فاسق لئن ظفرت بك يوماً لأقتلنّك بالهرمزان»؟ وما معنى تطلّبه لعبيد الله ليقتله إبّان خلافته؟ وما معنى هربه من المدينة إلى الشام خوفاً من أمير المؤمنين؟ وما معنى قول عمرو بن العاصي لعثمان : إنّ هذا الأمر كان وليس لك على الناس سلطان؟ وما معنى قول سعيد بن المسيّب : فذهب دم الهرمزان هدراً؟ وما معنى قول لبيد بن زياد وهو يخاطب عثمان : أتعفو إذ عفوت بغير حقّ .. الخ؟ وما معنى ما رواه ملك العلماء الحنفي في بدائع الصنائع (٧ / ٢٤٥) وجعله مدرك الفتوى في الشريعة؟ قال : روي أنّه لمّا قُتِل سيّدنا عمر رضى الله عنه خرج الهرمزان والخنجر في يده ، فظنّ عبيد الله أنّ هذا هو الذي قتل سيّدنا عمر رضى الله عنه فقتله ، فرجع ذلك إلى سيّدنا عثمان رضى الله عنه فقال سيّدنا عليّ رضى الله عنه لسيّدنا عثمان : «اقتل عبيد الله» فامتنع سيّدنا عثمان رضى الله عنه وقال : كيف أقتل رجلاً قُتل أبوه أمس؟ لا أفعل ؛ ولكن هذا رجل من أهل الأرض وأنا وليّة أعفو عنه وأودي ديته.
وما معنى قول الشيخ أبي علي : إنّه لم يكن للهرمزان وليّ يطلب بدمه والإمام وليّ من لا وليّ له ، وللوليّ أن يعفو؟
ولبعض ما ذكر زيّفه ابن الأثير في الكامل (١) (٣ / ٣٢) فقال : الأول أصحّ في إطلاق عبيد الله ، لأنّ عليّا لمّا ولي الخلافة أراد قتله فهرب منه إلى معاوية بالشام ، ولو كان إطلاقه بأمر وليّ الدم لم يتعرّض له عليّ. انتهى.
__________________
(١) الكامل في التاريخ : ٢ / ٢٢٧ حوادث سنة ٢٣ ه.