من يدافع عنه ويعفو إلاّ ابن النابغة ، وقد مرّ عن ابن سعد قول الزهري من أنّه أجمع رأي المهاجرين والأنصار على كلمة واحدة يشجّعون عثمان على قتله.
وثالث يتفلسف بما سمعته عن الشيخ أبي علي ، وهل يتفلسف بتلك الشماتة والوصمة والمسبّة على بني أميّة في قتلهم من العترة الطاهرة والداً وما ولد وذبحهم في يوم واحد منهم رضيعاً ويافعاً وكهلاً وشيخاً سيد شباب أهل الجنّة؟
وهناك من يصوغ لهرمزان وليّا يسمّيه القماذبان ، ويحسب أنّه عفا بإلحاح من المسلمين ، أخرج الطبري في تاريخه (١) (٥ / ٤٣) عن السري وقد كتب إليه عن شعيب ، عن سيف بن عمر ، عن أبي منصور قال : سمعت القماذبان يحدّث عن قتل أبيه قال : كانت العجم بالمدينة يستروح بعضها إلى بعض ، فمرّ فيروز بأبي ومعه خنجر له رأسان فتناوله منه وقال : ما تصنع في هذه البلاد؟ فقال أبس (٢) به ، فرآه رجل. فلمّا أُصيب عمر قال : رأيت هذا مع الهرمزان دفعه إلى فيروز ، فاقبل عبيد الله فقتله ، فلمّا ولي عثمان دعاني فأمكنني منه ، ثمّ قال : يا بنيّ هذا قاتل أبيك وأنت أولى به منّا فاذهب فاقتله. فخرجت به وما في الأرض أحد إلاّ معي إلاّ أنّهم يطلبون إليّ فيه فقلت لهم : ألي قتله؟ قالوا : نعم. وسبّوا عبيد الله ، فقلت : أفلكم أن تمنعوه؟ قالوا : لا ، وسبّوه. فتركته لله ولهم فاحتملوني ، فو الله ما بلغت المنزل إلاّ على رءوس الرجال وأكفّهم.
لو كان هذا الوليّ المزعوم موجوداً عند ذاك فما معنى قول عثمان في الصحيح المذكور على صهوة المنبر : لا وارث له إلاّ المسلمون عامّة وأنا إمامكم؟ وما قوله الآخر في حديث الطبري نفسه : أنا وليّهم وقد جعلته دية واحتملتها في مالي؟ ولو كان يعلم بمكان هذا الوارث فلم حوّل القصاص إلى الدية قبل مراجعته؟ ثمّ لما حوّله فلم لم يدفع الدية إليه واحتملها في ماله؟ ثمّ أين صارت الدية وما فعل بها؟ أنا لا أدري!
__________________
(١) تاريخ الأمم والملوك : ٤ / ٢٤٣.
(٢) بسّ الشيء : حطمه ، وفي المصدر : آنس بدلاً من أبس.