ردّه على الخليفة الثاني في نفس المسألة وقوله : «إذا جاوز الختان الختان فقد وجب الغسل». فأرسل عمر إلى عائشة فقالت مثل قول عليّ عليهالسلام فأخبت إليه الخليفة فقال : لا يبلغني أنّ أحداً فعله ولا يغسل إلاّ أنهكته عقوبة.
وقد علم يوم ذاك حكم المسألة كلّ جاهل به ورفع الخلاف فيها ، قال القرطبي في تفسيره (١) (٥ / ٢٠٥) : على هذا جماعة العلماء من الصحابة والتابعين وفقهاء الأمصار ، وأنّ الغسل يجب بنفس التقاء الختانين وقد كان فيه خلاف بين الصحابة ثمّ رجعوا فيه إلى رواية عائشة عن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم. أترى عليّا عليهالسلام وافق عثمان وحكم خلاف ما أنزل الله تعالى بعد إفتائه به ، وسوق الناس إليه ، وإقامة الحجّة عليه بشهادة من سمعه عن النبيّ الأعظم؟ (إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَما تَهْوَى الْأَنْفُسُ) (٢).
وأمّا أبيّ بن كعب فقد جاء عنه من طرق صحيحة قوله : إنّ الفتيا التي كانت الماء من الماء رخصة أرخصها رسول الله في أوّل الإسلام ثمّ أمر بالغسل.
وفي لفظ : إنّما كانت الفتيا في الماء من الماء في أوّل الإسلام ثمّ نهي عنها.
وفي لفظ : إنّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم إنّما جعل ذلك رخصة للناس في أوّل الإسلام لقلّة الثياب ، ثمّ أمر بالغسل. وفي لفظ : ثمّ أمر بالاغتسال بعد (٣).
فليس من الممكن أنّ أبيّا يروي هذه كلّها ، ثمّ يوافق عثمان على سقوط الغسل بعد ما تبيّن حكم المسألة وشاع وذاع في أيّام الخليفة الثاني.
وأمّا غيرهما : ففي فتح الباري (٤) (١ / ٣١٥) عن أحمد أنّه قال : ثبت عن هؤلاء
__________________
(١) الجامع لأحكام القرآن : ٥ / ١٣٤.
(٢) النجم : ٢٣.
(٣) سنن الدارمي : ١ / ١٩٤ ، سنن ابن ماجة : ١ / ٢١٢ [١ / ٢٠٠ ح ٦٠٩] ، سنن البيهقي : ١ / ١٦٥ ، الاعتبار لابن حازم : ص ٣٣ [ص ١٢٤]. (المؤلف)
(٤) فتح الباري : ١ / ٣٩٧.