تُرك ما تعلم ، قلت : كلاّ والذي نفسي بيده لا تأتون بخير ممّا أعلم. ثلاث مرّات.
قال ابن حزم في المحلّى (٥ / ٨٦) : أحدث بنو أميّة تقديم الخطبة قبل الصلاة واعتلّوا بأنّ الناس كانوا إذا صلّوا تركوهم ، ولم يشهدوا الخطبة ، وذلك لأنّهم كانوا يلعنون عليّ بن أبي طالب رضى الله عنه ، فكان المسلمون يفرّون وحقّ لهم ، فكيف وليس الجلوس واجباً؟
وقال ملك العلماء في بدائع الصنائع (١ / ٢٧٦) : وإنّما أحدث بنو أُميّة الخطبة قبل الصلاة لأنّهم كانوا يتكلّمون في خطبتهم بما لا يحلّ ، وكان الناس لا يجلسون بعد الصلاة لسماعها فأحدثوها قبل الصلاة ليسمعها الناس. وبمثل هذا قال السرخسي في المبسوط (٢ / ٣٧).
وقال السندي في شرح سنن ابن ماجة (١ / ٣٨٦) : قيل : سبب ذلك أنّهم كانوا يسبّون في الخطبة من لا يحلّ سبّه ، فتفرّق الناس عند الخطبة إذا كانت متأخّرة لئلاّ يسمعوا ذلك فقدّم الخطبة ليُسمعهم.
وقال الشوكاني في نيل الأوطار (١) : (٣ / ٣٦٣) : قد ثبت في صحيح مسلم (٢) من رواية طارق بن شهاب عن أبي سعيد قال : أوّل من بدأ بالخطبة يوم العيد قبل الصلاة مروان ، وقيل : أوّل من فعل ذلك معاوية ، حكاه القاضي عياض. وأخرجه الشافعي (٣) عن ابن عبّاس بلفظ : حتى قدم معاوية فقدّم الخطبة. ورواه عبد الرزاق (٤) عن الزهري بلفظ : أوّل من أحدث الخطبة قبل الصلاة في العيد معاوية. وقيل : أوّل
__________________
(١) نيل الأوطار : ٣ / ٣٣٥.
(٢) صحيح مسلم : ١ / ١٠٠ ح ٧٨ كتاب الإيمان.
(٣) أخرجه في كتاب الأُم : ١ / ٢٠٨ [١ / ٢٣٥] من طريق عبد الله بن يزيد الخطمي ، ولعلّ حديث ابن عبّاس مذكور في غير هذا الموضع. (المؤلف)
(٤) المصنّف : ٣ / ٢٨٤ ح ٥٦٤٦.