قال : والآية الأُخرى : قال الله عزّ وجلّ : (وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنا لِوَلِيِّهِ سُلْطاناً فَلا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ) (١) دلالة على أنّ من قُتل مظلوماً فلوليّه أن يقتل قاتله. قيل له : فيُعاد عليك ذلك الكلام بعينه في الابن يقتله أبوه ، والعبد يقتله سيده ، والمستأمن يقتله المسلم.
قال : فلي من كلّ هذه مخرج. قلت : فاذكر مخرجك. قال : إنّ الله تبارك وتعالى لمّا جعل الدم إلى الوليّ كان الأب وليّا فلم يكن له أن يقتل نفسه. قلنا : أفرأيت إن كان له ابن بالغ أتخرج الأب من الولاية وتجعل للابن أن يقتله؟ قال : لا أفعل. قلت : فلا تخرجه بالقتل من الولاية؟ قال : لا. قلت : فما تقول في ابن عمّ لرجل قتله وهو وليّه ووارثه لو لم يقتله وكان له ابن عمّ هو أبعد منه ، أفتجعل للأبعد أن يقتل الأقرب؟ قال : نعم. قلنا : ومن أين وهذا وليّه وهو قاتل؟ قال : القاتل يخرج بالقتل من الولاية. قلنا : والقاتل يخرج بالقتل من الولاية؟ قال : نعم. قلنا : فلم لم تخرج الأب من الولاية وأنت تخرجه من الميراث؟ قال : اتّبعت في الأب الأثر. قلنا : فالأثر يدلّك على خلاف ما قلت. قال : فاتّبعت فيه الإجماع. قلنا : فالإجماع يدلّك على خلاف ما تأوّلت فيه القرآن ، فالعبد يكون له ابن حرّ فيقتله مولاه أيخرج القاتل من الولاية ويكون لابنه أن يقتل مولاه؟ قال : لا ، بالإجماع. قلت : فالمستأمن يكون معه ابنه أيكون له أن يقتل المسلم الذي قتله؟ قال : لا ، بالإجماع. قلت : أفيكون الإجماع على خلاف الكتاب؟ قال : لا. قلنا : فالإجماع إذاً يدلّك على أنّك قد أخطأت في تأويل كتاب الله عزّ وجلّ ، وقلنا له : لم يجمع معك أحد على أن لا يقتل الرجل بعبده إلاّ من مذهبه أن لا يُقتل الحرّ بالعبد ولا يُقتل المؤمن بالكافر ، فكيف جعلت إجماعهم حجّة ، وقد زعمت أنّهم أخطأوا في أصل ما ذهبوا إليه؟ والله أعلم.
٢ ـ عن قيس بن عباد قال : انطلقت أنا والأشتر إلى عليّ فقلنا : هل عهد إليك
__________________
(١) الإسراء : ٣٣.