الصحّة ، وروى ابن القاسم عن مالك أنّه إن نسيها في ركعة من صلّى ركعتين فسدت صلاته ، وإن نسيها في ركعة من صلّى ثلاثيّة أو رباعيّة ، فروي عنه أنّه يعيدها ولا تجزئه ، وروي عنه أنّه يسجد سجدتي السهو ، وروي عنه أنّه يعيد تلك الركعة ويسجد للسهو بعد السلام ، ومقتضى الشرطيّة التي نبّهناك على صلاحيّة الأحاديث للدلالة عليها أنّ الناسي يعيد الصلاة كمن صلّى بغير وضوء ناسياً. انتهى.
وأمّا أبو حنيفة إمام الحنفيّة فإنّ له في مسائل الصلاة آراء ساقطة تشبه أقوال المستهزئ بها وحسبك برهنة صلاة القفال (١) ، وسنفصّل القول في تلكم الآراء الشاذّة عن الكتاب والسنّة ، وقد اجتهد في المسألة تجاه تلكم النصوص. قال الجصّاص في أحكام القرآن (١ / ١٨) : قال أصحابنا ـ الحنفيّة ـ جميعاً رحمهمالله : يقرأ بفاتحة الكتاب وسورة في كلّ ركعة من الأُوليين ، فإن ترك قراءة فاتحة الكتاب وقرأ غيرها فقد أساء وتجزيه صلاته. انتهى.
قال ابن حجر في فتح الباري (٢) : إنّ الحنفيّة يقولون بوجوب قراءة الفاتحة لكن بنوا على قاعدتهم أنّها مع الوجوب ليست شرطاً في صحّة الصلاة ، لأنّ وجوبها إنّما ثبت بالسنّة ، والذي لا تتمّ الصلاة إلاّ به فرض ، والفرض عندهم لا يثبت بما يزيد على القرآن وقد قال تعالى : (فَاقْرَؤُا ما تَيَسَّرَ مِنْهُ) (٣) فالفرض قراءة ما تيسّر ، وتعيّن الفاتحة إنّما يثبت بالحديث فيكون واجباً يأثم من يتركه وتجزئ الصلاة بدونه ، وهذا تأويل على رأي فاسد ، حاصله ردّ كثير من السنّة المطهّرة بلا برهان ولا حجّة نيّرة ، فكم موطن من المواطن يقول فيه الشارع : لا يجزئ كذا ، لا يقبل كذا ، لا يصحّ كذا ، ويقول المتمسّكون بهذا الرأي يجزئ ، ويقبل ، ويصحّ ؛ ولمثل هذا حذّر السلف
__________________
(١) ذكرها ابن خلّكان في تاريخه [٥ / ١٨٠ رقم ٧١٣] في ترجمة السلطان محمود السبكتكين. (المؤلف)
(٢) فتح الباري : ٢ / ٢٤٢.
(٣) المزمّل : ٢٠.