يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ) الآية. قال : فإنّ إبراهيم قد استغفر لأبيه ، فنزلت (وَما كانَ اسْتِغْفارُ إِبْراهِيمَ لِأَبِيهِ إِلاَّ عَنْ مَوْعِدَةٍ) الآية : الدرّ المنثور (١) (٣ / ٢٨٣).
وفي هاتين الروايتين نصّ على أن نزول الآية الكريمة في أبيه وآباء رجال من أصحابه صلىاللهعليهوآلهوسلم لا في عمّه ولا في أُمّه.
ومنها : ما جاء به الطبري في تفسيره (٢) (١١ / ٣٣) قال : قال آخرون : الاستغفار في هذا الموضع بمعنى الصلاة. ثمّ أخرج من طريق المثنّى عن عطاء بن أبي رباح قال : ما كنت أدع الصلاة على أحد من أهل هذه القبلة ولو كانت حبشيّة حبلى من الزنا ، لأنّي لم أسمع الله يحجب الصلاة إلاّ عن المشركين يقول الله : (ما كانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ) الآية.
وهذا التفسير إن صحّ فهو مخالف لجميع ما تقدّم من الروايات الدالّة على أنّ المراد من الآية هو طلب المغفرة كما هو الظاهر المتفاهم من اللفظ.
ونفس هذا الاضطراب والمناقضة بين هذه المنقولات وبين ما جاء به البخاري ممّا يفتّ في عضد الجميع ، وينهك من اعتباره ، فلا يحتجّ بمثله ولا سيّما في مثل المقام من تكفير مسلم بارّ ، وتبعيد المتفاني دون الدين عنه.
٥ ـ إنّ المستفاد من رواية البخاري نزول آية الاستغفار عند موت أبي طالب كما هو ظاهر ما أخرجه إسحاق بن بشر وابن عساكر عن الحسن ، قال : لمّا مات أبو طالب قال النبي : صلىاللهعليهوآلهوسلم إنّ إبراهيم استغفر لأبيه وهو مشرك وأنا أستغفر لعمّي حتى أبلغ ، فأنزل الله (ما كانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ) الآية. يعني به أبا طالب ، فاشتدّ على النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم فقال الله لنبيّه صلىاللهعليهوآلهوسلم (وَما كانَ اسْتِغْفارُ
__________________
(١) الدرّ المنثور : ٤ / ٣٠٢.
(٢) جامع البيان : مج ٧ / ج ١١ / ٤٤.