إِبْراهِيمَ لِأَبِيهِ إِلاَّ عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَها إِيَّاهُ) الدرّ المنثور (١) (٣ / ٢٨٣). وإن ناقضها ما أخرجه ابن سعد وابن عساكر عن عليّ قال : أخبرت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم بموت أبي طالب فبكى فقال : اذهب فغسّله وكفّنه وواره غفر الله له ورحمه. ففعلت وجعل رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يستغفر له أيّاماً ولا يخرج من بيته حتى نزل جبريل عليهالسلام بهذه الآية (ما كانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا) الآية (٢).
ولعلّه ظاهر ما أخرجه ابن سعد وأبو الشيخ وابن عساكر من طريق سفيان بن عيينة عن عمر قال : لمّا مات أبو طالب قال له رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : رحمك الله وغفر لك ، لا أزال أستغفر لك حتى ينهاني الله ، فأخذ المسلمون يستغفرون لموتاهم الذين ماتوا وهم مشركون فأنزل الله (ما كانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ). الدرّ المنثور (٣ / ٢٨٣).
لكن الأُمّة أصفقت على أنّ نزول سورة البراءة التي تضمّنت الآية الكريمة آخر ما نزل من القرآن كما مرّ في (ص ١٠) وكان ذلك بعد الفتح ، وهي هي التي بعث بها رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أبا بكر ليتلوها على أهل مكّة ثمّ استرجعه بوحي من الله سبحانه وقيّض لها مولانا أمير المؤمنين فقال : «لا يبلّغها عنّي إلاّ أنا أو رجل منّي» (٣) وقد جاء في صحيحة مرّت من عدّة طرق في (ص ١٣) من أنّ آية الاستغفار نزلت بعد ما أقبل رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم من غزوة تبوك وكانت في سنة تسع فأين من هذه كلّها نزولها عند وفاة أبي طالب أو بعدها بأيّام؟ وأنّى يصحّ ما جاء به البخاري ومن يشاكله في رواية البواطيل.
__________________
(١) الدرّ المنثور : ٤ / ٣٠١.
(٢) طبقات ابن سعد : ١ / ١٠٥ [١ / ١٢٣] ، الدرّ المنثور : ٣ / ٢٨٢ [٤ / ٣٠١] نقلاً عن ابني سعد وعساكر [مختصر تاريخ مدينة دمشق : ٢٩ / ٣٢]. (المؤلف)
(٣) راجع الجزء السادس من كتابنا هذا : ص ٣٣٨ ـ ٣٥٠. (المؤلف)