ومنها أحكام الصيد النازلة في سورة المائدة التي هي آخر ما نزل من القرآن ، وروي عن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم أنّه قرأها في حجّة الوداع وقال : «يا أيّها الناس إنّ سورة المائدة من آخر ما نزل فأحلّوا حلالها وحرّموا حرامها». وروي نحوه عن عائشة موقوفاً وصحّحه الحاكم وأقرّه ابن كثير ، وأخرجه أبو عبيد من طريق ضمرة بن حبيب ، وعطية بن قيس مرفوعاً (١)
فليس من البدع أن يكون غير واحد من مواضيع الحجّ لم يشرّع لها حكم في عام الحديبيّة ثمّ شرّع بعده ومنها هذه المسألة ، وكان مولانا أمير المؤمنين عليهالسلام حاضراً في عام الحديبيّة وقد شاهد قصّة أبي قتادة كما شاهدها غيره ـ على فرض صحّتها ـ ومع ذلك أنكر على عثمان وكذلك الشهود الذين استنشدهم صلوات الله عليه فشهدوا له لم يعزب عنهم ما وقع في ذلك العام ، لكنّهم شهدوا على التشريع الأخير الثابت.
ولو كان لقصّة أبي قتادة مقيل من الصحّة أو وزن يقام لما ترك عثمان الاحتجاج بها لكنّه كان يعلم أنّ الشأن فيها كما ذكرناه ، وأنّ العمل قبل التشريع لا حجّيّة له ، وأفحمه الإمام عليهالسلام بحجّته الداحضة ، فتوارى عن الحجاج في فسطاطه وترك الطعام على أهل الماء.
وأمّا حديث جابر فقد أخرجه غير واحد من أئمّة الفقه والحديث ناصّين على ضعفه من طريق عمرو بن أبي عمرو ، عن المطلب بن حنطب ، عن جابر بن عبد الله قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : صيد البرّ لكم حلال وأنتم حرم إلاّ ما اصطدتم وصيد لكم (٢).
__________________
(١) مستدرك الحاكم : ٢ / ٣١١ [٢ / ٣٤٠ ح ٣٢١٠] ، تفسير القرطبي : ٦ / ٣١ [٦ / ٢٢] ، تفسير الزمخشري : ١ / ٤٠٣ [١ / ٦٠٢] ، تفسير ابن كثير : ٢ / ٢ ، تفسير الخازن : ٢ / ٤٤٨ [١ / ٤٢٩] ، تفسير الشوكاني : ٢ / ١ [٢ / ٣]. (المؤلف)
(٢) كتاب الأُم : ٢ / ١٧٦ [٢ / ٢٠٨] ، سنن أبي داود : ١ / ٢٩١ [٢ / ١٧١ ح ١٨٥١] ، سنن النسائي : ٥ / ١٨٧ [٢ / ٣٧٢ ح ٣٨١٠] ، سنن البيهقي : ٥ / ١٩٠ ، المحلّى لابن حزم : ٧ / ٢٥٣ [المسألة ٨٩٢]. (المؤلف)