زوجها ثمّ تربّص بعد ذلك الأربعة أشهر وعشر ثمّ تزوّج (١). فعلى هذا إنّها عدّة الطلاق فيجب أن تكون ثلاثة قروء ، فما هذه أربعة أشهر وعشراً؟ وعلى فرض ثبوت هذه العدّة ولو بعد الطلاق من باب الأخذ بالحائطة فما علاقة الزوج بها؟ حتى إنّه إذا جاء بعد النكاح خُيّر بين امرأته وبين صداقها ، وقد قطع الشرع أيّ صلة بينهما ورخّص في تزويجها ، فنكحت على الوجه المشروع ، قال ابن رشد (٢) : ألا ترى أنّها لو ماتت بعد العدّة لم يوقف له ميراث منها ، وإن كان لو أتى في هذه الحالة كان أحقّ بها ، ولو بلغ هو من الأجل ما لا يجيء إلى مثله من السنين وهي حيّة لم تورث منه ، وإنّما يكون لها الرضا بالمقام على العصمة ما لم ينقض الأجل المفروض ، وأمّا إذا انقضى واعتدّت فليس ذلك لها وكذلك إن مضت بعد العدّة.
ثمّ ما وجه أخذ الصداق من الزوج الثاني عند اختيار الأوّل الصداق ولم يأت بمأثم وإنّما تزوّج بامرأة أباحتها له الشريعة؟
وأعجب من كلّ هذه أنّ هذه الروايات بمشهد من الفقهاء كلّهم ولم يُفْتِ بمقتضاها أئمّة المذاهب في باب الخيار. قال مالك في الموطّأ (٣) (٢ / ٢٨) : إن تزوّجت بعد انقضاء عدّتها فدخل بها زوجها أو لم يدخل بها فلا سبيل لزوجها الأوّل إليها. وقال : وذلك الأمر عندنا ، وإن أدركها زوجها قبل أن تتزوّج فهو أحقّ بها.
وقال الشافعي وأبو حنيفة والثوري : لا تحلّ امرأة المفقود حتى يصحّ موته. قاله القاضي ابن رشد في بداية المجتهد (٢ / ٥٢) فقال : وقولهم مرويّ عن عليّ وابن مسعود.
وقال الحنفيّة : يُشترط لوجوب النفقة على الزوج شروط : أحدها أن يكون
__________________
(١) سنن البيهقي : ٧ / ٤٤٥. (المؤلف)
(٢) مقدّمات المدوّنة الكبرى : ٢ / ١٠٤. (المؤلف)
(٣) موطّأ مالك : ٢ / ٥٧٥ ح ٥٢.