العقد صحيحاً ، فلو عقد عليها عقداً فاسداً أو باطلاً وأنفق عليها ثمّ ظهر فساد العقد أو بطلانه فإنّ له الحقّ في الرجوع عليها بما أنفقه.
ومن ذلك ما إذا غاب عنها زوجها فتزوّجت بزوج آخر ودخل بها ثمّ حضر زوجها الغائب ، فإنّ نكاحها الثاني يكون فاسداً ، ويفرّق القاضي بينهما ، وتجب عليها العدّة بالوطء الفاسد ، ولا نفقة لها على الزوج الأوّل ولا على الزوج الثاني (١).
وقال الشافعي في كتاب الأُمّ (٢) (٥ / ٢٢١) : لم أعلم مخالفاً في أنّ الرجل أو المرأة لو غابا أو أحدهما برّا أو بحراً عُلم مغيبهما أو لم يعلم فماتا أو أحدهما فلم يُسمع لهما بخبر أو أسرهما العدوّ فصيّروهما إلى حيث لا خبر عنهما لم نورّث واحداً منهما من صاحبه إلاّ بيقين وفاته قبل صاحبه ، فكذلك عندي امرأة الغائب أيّ غيبة كانت ممّا وصفت أو لم أصف بأسار عدوّ أو بخروج الزوج ثمّ خفي مسلكه ، أو بهيام من ذهاب عقل أو خروج فلم يُسمَع له ذكر ، أو بمركب في بحر فلم يأت له خبر ، أو جاء خبر أن غرق كان يرون أنّه قد كان فيه ولا يستيقنون أنّه فيه ، لا تعتدّ امرأته ولا تنكح أبداً حتى يأتيها بيقين وفاته ، ثمّ تعتدّ من يوم استيقنت وفاته وترثه ، ولا تعتدّ امرأة من وفاة ومثلها يرث إلاّ ورثت زوجها الذي اعتدّت من وفاته ، ولو طلّقها وهو خفيّ الغيبة بعد أيّ هذه الأحوال كانت ، أو آلى منها ، أو تظاهر ، أو قذفها ، لزمه ما يلزم الزوج الحاضر في ذلك كلّه ، وإذا كان هذا هكذا لم يجز أن تكون امرأة رجل يقع عليها ما يقع على الزوجة تعتدّ لا من طلاق ولا وفاة ، كما لو ظنّت أنّه طلّقها أو مات عنها لم تعتدّ من طلاق إلاّ بيقين ، وهكذا لو تربّصت سنين كثيرة بأمر حاكم واعتدّت وتزوّجت فطلّقها الزوج الأوّل المفقود لزمها الطلاق ، وكذلك إن آلى منها ، أو تظاهر ، أو قذفها ، لزمه ما يلزم الزوج ، وهكذا لو تربّصت بأمر حاكم أربع سنين ثمّ اعتدّت
__________________
(١) الفقه على المذاهب الاربعة : ٣ / ٥٦٥ [٤ / ٥٧٥]. (المؤلف)
(٢) كتاب الأُم : ٥ / ٢٣٩.