على أنّ حكم الآيتين إذا وردتا في سببين ، إحداهما في التحليل والأخرى في التحريم أنّ كلّ واحدة منهما تجري على حكمها في ذلك السبب ولا يعترض بها على الأخرى ، وكذلك ينبغي أن يكون حكم الخبرين إذا وردا عن الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم في مثل ذلك. إلى آخره.
ونحن نردف كلام الجصّاص بما ورد في سبب نزول قوله تعالى : (وَالْمُحْصَناتُ مِنَ النِّساءِ إِلاَّ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ). وأنّه كما سمعت من الجصّاص غير السبب الوارد فيه قوله تعالى : (وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ).
أخرج مسلم في صحيحه وغيره ؛ بالإسناد عن أبي سعيد الخدري ، قال : أصبنا نساء من سبي أوطاس ولهن أزواج ، فكرهنا أن نقع عليهنّ ولهنّ أزواج ، فسألنا النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم فنزلت هذه الآية : (وَالْمُحْصَناتُ مِنَ النِّساءِ إِلاَّ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ). فاستحللنا بها فروجهنّ.
وفي لفظ أحمد : إنّ أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أصابوا سبايا يوم أوطاس لهنّ أزواج من أهل الشرك ، فكان أُناس من أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم كفّوا وتأثّموا من غشيانهنّ ، قال : فنزلت هذه الآية في ذلك : (وَالْمُحْصَناتُ مِنَ النِّساءِ إِلاَّ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ).
وفي لفظ النسائي : إنّ نبيّ الله صلىاللهعليهوآلهوسلم بعث جيشاً إلى أوطاس فلقوا عدوّا فقاتلوهم وظهروا عليهم ، فأصابوا لهم سبايا لهنّ أزواج في المشركين ، فكان المسلمون تحرّجوا من غشيانهنّ ، فأنزل الله عزّ وجلّ : (وَالْمُحْصَناتُ مِنَ النِّساءِ إِلاَّ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ).
راجع (١) : صحيح مسلم (١ / ٤١٦ ، ٤١٧) ، صحيح الترمذي (١ / ١٣٥) ، سنن أبي
__________________
(١) صحيح مسلم : ٣ / ٢٥٤ ـ ٢٥٥ ح ٣٣ ـ ٣٥. كتاب الرضاع ، سنن الترمذي : ٥ / ٢١٨ ح ٣٠١٦ ، ٣٠١٧ ، سنن أبي داود : ٢ / ٢٤٧ ح ٢١٥٥ ، السنن الكبرى : ٣ / ٣٠٨ ح ٥٤٩١ و ٥٤٩٢ ، مسند أحمد : ٣ / ٤٨٦ ح ١١٢٩٤ ، وص ٥٠٥ ح ١١٣٨٨ ، أحكام القرآن : ٢ / ١٣٦ ، مصابيح السنّة : ٢ / ٤٢١ ح ٢٣٥٦ ، الجامع لأحكام القرآن : ٥ / ٨٠ ، تفسير البيضاوي : ١ / ٢٠٩ ، تفسير الخازن : ١ / ٣٤٢ ، فتح القدير : ١ / ٤٥٤.