أنّها لسان قومه ، ولو كان له قسط منها لأجاب ابن عبّاس بصحّة إطلاق الجمع على الاثنين وأنّه المطّرد في كلام العرب ، لا بالعجز عن تغيير ما غلط فيه الناس كلّهم ـ العياذ بالله ـ وما هو ببدع في ذلك عمّن تقدّماه يوم لم يعرفا معنى الأبّ وهو من صميم لغة الضاد ومشروح بما بعده في الذكر الحكيم ، فإنّ إطلاق الإخوة على الأخوين قد لهج به جمهور العرب ، ولذلك لا تجد أيّ خلاف في حجب الأخوين الأُمّ عن الثلث إلى السدس بين الصحابة العرب الأقحاح ، والتابعين الذين نزلوا منزلتهم من العربيّة الفصحاء ، والفقهاء من مذاهب الإسلام ، ولا استناد لهم في الحكم إلاّ الآية الكريمة ، وما ذلك إلاّ لتجويزهم إطلاق الجمع على الإثنين سواء كان ذلك أقلّه أو توسّعاً مطّرداً في الإطلاق.
قال الطبري في تفسيره (١) (٤ / ١٨٧) : قال جماعة أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم والتابعين لهم بإحسان ومن بعدهم من علماء أهل الإسلام في كلّ زمان : عنى الله جلّ ثناؤه بقوله : (فَإِنْ كانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ). إثنين كان الإخوة أو أكثر منهما ، أُنثيين كانتا أو كنّ إناثاً ، أو ذكرين كانا أو كانوا ذكوراً ، أو كان أحدهما ذكراً والآخر أُنثى ، واعتلّ كثير ممّن قال ذلك بأنّ ذلك قالته الأُمّة عن بيان الله جلّ ثناؤه على لسان رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فنقلته أُمّة نبيّه نقلاً مستفيضاً قطع العذر مجيئه ، ودفع الشك فيه عن قلوب الخلق وروده. ثمّ نقل حديث ابن عبّاس المذكور فقال : والصواب من القول في ذلك عندي أنّ المعنيّ بقوله : (فَإِنْ كانَ لَهُ إِخْوَةٌ) إثنان من إخوة الميت فصاعداً على ما قاله أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم دون ما قاله ابن عبّاس رضى الله عنه (٢) لنقل الأُمّة وراثة صحّة ما قالوه من ذلك عن الحجّة وإنكارهم ما قاله ابن عبّاس في ذلك. قال :
فإن قال قائل : وكيف قيل في الأخوين إخوة؟ وقد علمت أنّ الأخوين في
__________________
(١) جامع البيان : مج ٣ / ج ٤ / ٢٧٨ ، ٢٧٩.
(٢) سيوافيك فساد عزو الخلاف إلى ابن عبّاس. (المؤلف)