منطق العرب مثالاً (١) لا يشبه مثال الإخوة في منطقها؟ قيل : إنّ ذلك وإن كان كذلك فإنّ من شأنها (٢) التأليف بين الكلامين بتقارب معنييهما وإن اختلفا في بعض وجوههما. فلمّا كان ذلك كذلك وكان مستفيضاً في منطقها ، منتشراً مستعملاً في كلامها : ضربت من عبد الله وعمرو رءوسهما ، وأوجعت منهما ظهورهما. وكان ذلك أشدّ استفاضة في منطقها من أن يقال : أوجعت منهما ظهرهما ، وإن كان مقولاً : أوجعت ظهرهما ، كما قال الفرزدق :
بما في فؤادينا من الشوق والهوى |
|
فيبرأ منهاضُ الفؤاد المشغَّف |
غير أنّ ذلك وإن كان مقولاً فأفصح منه بما في أفئدتنا كما قال جلّ ثناؤه : (إِنْ تَتُوبا إِلَى اللهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُما) (٣) فلمّا كان ما وصفت من إخراج كلّ ما كان في الإنسان واحداً إذا ضمّ إلى الواحد منه آخر من إنسان آخر فصارا اثنين من اثنين ، فلفظ الجمع أفصح في منطقها وأشهر في كلامها ، وكان الأخوان شخصين كلّ واحد منهما غير صاحبه من نفسين مختلفين أشبه معناهما معنى ما كان في الإنسان من أعضائه واحداً لا ثاني له ، فأخرج أُنثييهما بلفظ أنثى العضوين اللذين وصفت ، فقيل : إخوة في معنى الأخوين ، كما قيل : ظهور في معنى الظهرين ، وأفواه في معنى فموين ، وقلوب في معنى قلبين. وقد قال بعض النحويّين : إنّما قيل إخوة ، لأنّ أقلّ الجمع إثنان ... إلى آخره. انتهى.
وأخرج الحاكم بإسناد صحّحه في المستدرك (٤) (٤ / ٣٣٥) ، والبيهقي في السنن (٦ / ٢٢٧) عن زيد بن ثابت أنّه كان يحجب الأُمّ بالأخوين فقال : إنّ العرب تسمّي
__________________
(١) كذا في المصدر أيضاً ، ولعلّها في الأصل : أن للأخوين ... مثالاً.
(٢) أي : العرب.
(٣) التحريم : ٤.
(٤) المستدرك على الصحيحين : ٤ / ٣٧٢ ح ٧٩٦١.