أسلفناه من طرق الحفّاظ (١) الطبراني والحاكم والبيهقي. ومرّت صحّته في الجزء الأوّل صفحة (٢٦٠).
روى البلاذري في الأنساب (٥ / ٢٧): إنّ الحكم بن أبي العاص كان جاراً لرسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم في الجاهليّة وكان أشدّ جيرانه أذىً له في الإسلام ، وكان قدومه المدينة بعد فتح مكة وكان مغموصاً عليه في دينه ، فكان يمرُّ خلف رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فيغمز به ويحكيه ويخلج بأنفه وفمه ، وإذا صلّى قام خلفه فأشار بأصابعه ، فبقي على تخليجه وأصابته خبلة ، واطّلع على رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ذات يوم وهو في بعض حُجر نسائه فعرفه وخرج إليه بعنزة (٢) وقال : «من عذيري من هذا الوزغة اللعين؟» ثم قال : لا يساكنني ولا ولده فغرّبهم جميعاً إلى الطائف ، فلمّا قبض رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم كلّم عثمان أبا بكر فيهم وسأله ردّهم فأبى ذلك وقال : ما كنت لآوي طرداء رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم. ثمّ لمّا استخلف عمر كلّمه فيهم فقال مثل قول أبي بكر ، فلمّا استخلف عثمان أدخلهم المدينة وقال : قد كنت كلّمت رسول الله فيهم وسألته ردّهم فوعدني أن يأذن لهم فقُبض قبل ذلك. فأنكر المسلمون عليه إدخاله إيّاهم المدينة.
قال الواقدي : ومات الحكم بن أبي العاص بالمدينة في خلافة عثمان فصلّى عليه وضرب على قبره فسطاطاً.
وعن سعيد بن المسيب قال : خطب عثمان فأمر بذبح الحمام وقال : إنّ الحمام قد كثر في بيوتكم حتى كثر الرمي ونالنا بعضه ، فقال الناس : يأمر بذبح الحمام وقد آوى طرداء رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم.
وذكره بلفظ أخصر من هذا في صفحة (١٢٥) وذكر بيتين لحسان بن ثابت في
__________________
(١) المستدرك على الصحيحين : ٣ / ٦٧٨ ح ٤٢٤١ ، دلائل النبوة : ٦ / ٢٣٩ ، ٢٤٠
(٢) العنزة : عصاً في قدر نصف الرمح أو اكثر ، فيها سنان مثل سنان الرمح.