عبد الرحمن بن الحكم الآتيين في لفظ أبي عمر فقال : كان يفشي أحاديث رسول الله ، فلعنه وسيّره إلى الطائف ومعه عثمان الأزرق والحارث وغيرهما من بنيه ، وقال : «لا يساكنني» فلم يزالوا طرداء حتى ردّهم عثمان ، فكان ذلك ممّا نُقم عليه.
وفي السيرة الحلبيّة (١) (١ / ٣٣٧): اطّلع الحكم على رسول الله من باب بيته وهو عند بعض نسائه بالمدينة ، فخرج إليه رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم بالعنزة ، وقيل بمدرى (٢) في يده وقال : «من عذيري من هذه الوزغة لو أدركته لفقأت عينه» ، ولعنه وما ولد ، وذكره ابن الأثير مختصراً في أسد الغابة (٣) (٢ / ٣٤).
وقال أبو عمر في الاستيعاب : أخرج رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم الحكم من المدينة وطرده عنها فنزل الطائف وخرج معه ابنه مروان ، واختلف في السبب الموجب لنفي رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم إيّاه فقيل : كان يتحيّل ويستخفي ويتسمّع ما يسرُّه رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم إلى كبار أصحابه في مشركي قريش وسائر الكفّار والمنافقين ، فكان يفشي ذلك عنه حتى ظهر ذلك عليه ، وكان يحكيه في مشيته وبعض حركاته ، إلى أُمور غيرها كرهت ذكرها ، ذكروا : أن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم كان إذا مشى يتكفأ وكان الحكم يحكيه فالتفت النبيُّ صلىاللهعليهوآلهوسلم يوماً فرآه يفعل ذلك فقال صلىاللهعليهوآلهوسلم : «فكذلك فلتكن». فكان الحكم مختلجاً يرتعش من يومئذٍ ، فعيّره عبد الرحمن بن حسان بن ثابت فقال في عبد الرحمن بن الحكم يهجوه :
إنّ اللعين أبوك فارمِ عظامَه |
|
إن تَرمِ تَرمِ مخلّجاً مجنونا |
يمسي خميصَ البطنِ من عملِ التقى |
|
ويظلُّ من عملِ الخبيثِ بطينا (٤) |
__________________
(١) السيرة الحلبية : ١ / ٣١٧.
(٢) المدرى كالمسلة يفرق به شعر الرأس.
(٣) أُسد الغابة : ٢ / ٣٧ و ٣٨ رقم ١٢١٧.
(٤) الاستيعاب ١ / ١١٨ [القسم الأول ٣٥٩ ـ ٣٦٠ رقم ٥٢٩] ، أُسد الغابة : ٢ / ٣٤ [٢ / ٣٧ و ٣٨ رقم ١٢١٧]. (المؤلف)