قبيح أن يُرمى صحابيّ بذلك ، فليحمل على أنّه إن صحّ ذلك كان يُرمى به قبل الإسلام. انتهى.
أنا لا أدري أيعلم ابن حجر ما ذا يلوك بين أشداقه؟ أهو مجدّ فيما يقول أم هازئ؟ أمّا ما اعتذر به من أنّ لعنته صلىاللهعليهوآلهوسلم لا تضرُّ الحَكَم وابنه. إلى آخره. فقد أخذه ممّا أخرجه الشيخان في الصحيحين (١) من طريق أبي هريرة ، غير أنّه حرّف منه كلماً وزاد فيه أخرى وإليك لفظه :
قال : اللهمّ إنّما محمد بشر يغضب كما يغضب البشر ، وإنّي قد اتّخذت عندك عهداً لم تخلفنيه فأيّما مؤمن آذيته أو سببته أو لعنته أو جلدته فاجعلها له كفارةً وقربةً تقرّبه بها إليك.
هذا حطّ من مقام الرسالة لأجل أمويّ ساقط ، وحسبان أنّ صاحبها كإنسان عاديّ يثيره ما يثير غيره فيغضب لما لا ينبغي أن يُغضب له ، ومخالف للكتاب العزيز من قوله سبحانه : (وَما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى * إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحى) (٢).
نعم ، هو صلىاللهعليهوآلهوسلم بشر غير أنّه كما قال في الذكر الحكيم : (قُلْ إِنَّما أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحى إِلَيَ) فإن كان في الوحي أن يلعن الطريد وما ولد فما ذا ينجيه من اللعن؟ إلاّ أن يحسب ابن حجر أنّ الوحي أيضاً يتّبع الشهوات! كبرت كلمة تخرج من أفواههم.
وكيف يكون اللعن رحمةً وزكاةً وطهارةً وكفّارةً وقد أصاب موضعه بأمر من الله سبحانه؟
__________________
(١) صحيح البخاري : ٤ / ٧١ [٥ / ٢٣٣٩ ح ٦٠٠٠ كتاب الدعوات] ، صحيح مسلم : ٢ / ٣٩١ [٥ / ١٧٠ ح ٩١ كتاب البرّ والصلة وبزيادة : يوم القيامة ، في ذيل الحديث]. (المؤلف)
(٢) النجم : ٣ ـ ٤.