وما يصنع ابن حجر بالصحيح المتضافر من أنّ سباب المسلم فسوق (١)؟
وكيف يسوّغ له إيمانه أن يكون رسول الله سبّاباً أو لعّاناً أو مؤذياً لأحد أو جالداً لمسلم على غير حقّ؟ وكلُّ ذلك من منافيات العصمة والله سبحانه يقول (وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتاناً وَإِثْماً مُبِيناً) (٢). وجاء في الصحيح : إنّه صلىاللهعليهوآلهوسلم لم يكن سبّاباً ولا فحّاشاً ولا لعّاناً ، وقد أبى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم عن الدعاء على المشركين ، وقال صلىاللهعليهوآلهوسلم : «إنّي لم أُبعث لعّاناً وإنّما بُعثت رحمة» (٣) فهو صلىاللهعليهوآلهوسلم كان يأمل في أُولئك المشركين الهداية فلم يلعنهم ولا دعا عليهم ، ولمّا كان لم يَرجُ في الحَكَم وولده أيّ خير لعنهم لعناً يُبقي عليهم خزي الأبد.
نعم ؛ رواية الصحيحين المنافية لعصمة الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم اختلقتها يد الهوى على عهد معاوية تزلّفاً إليه ، وطمعاً في رضيخته ، وتحبّباً إلى آل أبي العاص المقرّبين عنده. ومن أراد الوقوف على أبسط ممّا ذكرناه في المقام فليراجع كتاب (أبو هريرة) لسيّدنا الآية السيّد عبد الحسين شرف الدين العاملي (٤) (ص ١١٨ ـ ١٢٩).
__________________
(١) أخرجه أحمد [في المسند : ٢ / ٢٤ ح ٤٢٥٠] ، والبخاري [في الصحيح : ٥ / ٢٢٤٧ ح ٥٦٩٧] ، والترمذي [في السنن : ٥ / ٢٢ ح ٢٦٣٥] ، والنسائي [في السنن الكبرى : ٢ / ٣١٣ ـ ٣١٤ ح ٣٥٦٧ ـ ٣٥٧٨] ، وابن ماجة [في السنن : ٢ / ١٢٩٩ ح ٣٩٣٩] وغيرهم من طريق ابن مسعود. وابن ماجة [في السنن ٢ / ١٢٩٩ ـ ١٣٠٠ ح ٣٩٤٠ من طريق أبي هريرة ، ٣٩٤١ من طريق سعد بن أبي وقاص] من طريق جابر وسعد ، والطبراني [في المعجم الأوسط : ١ / ٤١٣ ح ٧٣٨ ، والكبير : ١٧ / ٣٩ ح ٨٠] عن عبد الله بن المغفل وعمرو بن النعمان. وصحّحه غير واحد من الحفاظ ؛ كالهيثمي [في مجمع الزوائد : ٨ / ٧٣] ، والسيوطي [في الدر المنثور : ١ / ٥٣٠] ، والمناوي [في فيض القدير : ٤ / ٨٤ ح ٤٦٣٣].(المؤلف)
(٢) الأحزاب : ٥٨.
(٣) أخرجه البخاري : ٩ / ٢٢ [٥ / ٢٢٤٣ ح ٥٦٨٤] ، ومسلم في صحيحه : ٢ / ٣٩٣ [٥ / ١٦٨ ح ٨٧]. (المؤلف)
(٤) أبو هريرة : ص ٣٥ ـ ٤٥.