هبنا ـ العياذ بالله ـ ما شينا ابن حجر في أساطيره في نبيّ العصمة والقداسة ، فما حيلة المغفّل فيما نزل من الذكر الحكيم في الحَكَم وبنيه؟ هل فيه ضير؟ أم يراه أيضاً رحمةً وزكاةً وكفّارةً وطهارةً.
وشتّان بين رأي ابن حجر في الحَكَم وبين ما يأتي من قول أبي بكر لعثمان فيه : عمّك إلى النار ، وقول عمر لعثمان : ويحك يا عثمان تتكلّم في لعين رسول الله وطريده وعدوّ الله وعدوّ رسوله؟
وأمّا ما عالج به داء الحكم فهو يعلم أنّه موصوم بما هو أفظع من ذلك ؛ من لعن رسول الله وطرده إيّاه ، وكان الخبيث يهزأ برسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم في مشيته حتى أخذته دعوته صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وهل تجديه الصحبة وحاله هذه؟ وهل تشمل الصحبة التي هي من أربى الفضائل اللصّ الذي ساكن الصحابة لاستراق أموالهم وإلقاح الفتن فيهم؟ وهل تشمل المنافقين الذي كانوا في المدينة يومئذٍ؟ (وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُوا عَلَى النِّفاقِ) (١) فإن طهّرت الصحبة أمثال الحكم فهي مطهّرة أُولئك بطريق أولى لأنّه لم يكشف عنهم الغطاء كما كشف عن الحكم على العهد النبويّ وفي دور الشيخين ، حتى أراد ابن أخيه أن ينقذه من الفضيحة فزيد ضغث على إبّالة (٢) ، ونبشت الدفائن ، وذكر ما كاد أن يُنسى.
ثمّ هب أنّ الصحبة مُزيحة لعلل النفس والأمراض القلبيّة فهل هي مزيلة للأدواء الجسمانيّة؟ لم نجد في كتب الطبّ من وصفها بذلك ، ولاتعدادها في صفّ الأدوية المفيدة لداء من الأدواء ، ولا لذلك الداء العضال الذي زعم ابن حجر أنّه منفيّ عن الحكم لمحض الإسلام والصحبة ، وجوّز أن يكون قبل اتّصاله بالمسلمين ، حيّا الله هذا الطبّ الجديد!
__________________
(١) التوبة : ١٠١.
(٢) الإبّالة : الحزمة من الحطب .. الضغث : القبضة من الحشيش. ومعنى المثل : بليّة على أخرى. أنظر مجمع الأمثال : ٢ / ٢٦٠.