وعقيل ولم ينبسوا في هذا الأمر ببنت شفة ، أو عن أخيه العبّاس وقد صحّ عنه ما أسلفناه في الجزء السابع ، أو عن ابن أخيه الرسول الأعظم صلىاللهعليهوآلهوسلم فقد عرفت قوله فيه فيما مرّ ، فممّن أخذ ابن عمر؟ ولما ذا حذف اسمه؟ ولما شرّك أبا جهل مع أبي طالب في إحدى روايتيه ، ولم يقل به أحد غيره؟ وهل في الرواة من تقوّل عليه كلّ ذلك؟ فظنّ خيراً ولا تسأل عن الخبر.
واعطف على هذه ما عزوه إلى مجاهد وقتادة في شأن نزول الآية (١) ، فإنّ مستند أقوالهما إمّا هذه الروايات أو أنّهما سمعاها من أُناس مجهولين ، فمراسيل كهذه لا يحتجّ بها على أمر خطير مثل تكفير أبي طالب بعد ثبوت إيمانه بما صَدَع به الصادع الكريم وتفانيه دونه والذبّ عنه بالبرهنة القاطعة.
ومن التفسير بالرأي والدعوى المجرّدة ما عن قتادة ومن يشاكله مرسلاً من تبعيض الآية بين أبي طالب والعبّاس ، فجعل صدرها لأبي طالب وذيلها للعبّاس (٢) الذي أسلم بعد نزول الآية بعدّة سنين كما هو المتسالم عليه عنه الجمهور.
وأنت تعرف بعد هذه كلّها قيمة قول الزجّاج : أجمع المسلمون على أنّها نزلت في أبي طالب. وما عقّبه به القرطبي من قوله : والصواب أن يقال : أجمع جلّ المفسّرين على أنّها نزلت في شأن أبي طالب (٣).
(انْظُرْ كَيْفَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللهِ الْكَذِبَ وَكَفى بِهِ إِثْماً مُبِيناً) (٤)
__________________
(١) تاريخ ابن كثير : ٣ / ١٢٤ [٣ / ١٥٣]. (المؤلف)
(٢) تفسير القرطبي : ١٣ / ٢٩٩ [١٣ / ١٩٨] ، الدرّ المنثور : ٥ / ١٣٣ [٦ / ٤٢٩]. (المؤلف)
(٣) تفسير القرطبي : ١٣ / ٢٩٩ [١٣ / ١٩٨]. (المؤلف)
(٤) النساء : ٥٠.