قليلاً كفُواق الناقة (١).
وهل الوجود هو بذل الرجل ماله وما تملكه ذات يده؟ أو جدحه من سويق غيره (٢) كما كان يفعل الخليفة؟ ليتني وجدت من يحير جواباً عن مسألتي هذه. أمّا الخليفة فلم أدركه حتى أستحفي منه الخبر ، ولعلّه لو كنت مستحفياً منه لسبقت الدِرّة الجواب.
نعم يُعلَم حكم تلكم الأعطيات والقطائع ـ وقد أقطع أكثر أراضي بيت المال (٣) ـ من خطبة لمولانا أمير المؤمنين ، ذكرها الكلبي مرفوعة إلى ابن عبّاس قال : إنّ عليّا عليهالسلام خطب في اليوم الثاني من بيعته بالمدينة فقال : «ألا إنّ كلّ قطيعة أقطعها عثمان ، وكلّ مال أعطاه من مال الله ؛ فهو مردود في بيت المال ، فإنّ الحق القديم لا يبطله شيء ، ولو وجدته قد تزُوّج به النساء ، وفرّق في البلدان ، لرددته إلى حاله ، فإنّ في العدل سعة ، ومن ضاق عنه الحقّ فالجور عنه أضيق» (٤).
قال الكلبي : ثمّ أمر عليهالسلام بكلّ سلاح وُجد لعثمان في داره ممّا تقوّى به على المسلمين فقبض ، وأمر بقبض نجائب كانت في داره من إبل الصدقة فقبضت ، وأمر بقبض سيفه ودرعه ، وأمر أن لا يعرض لسلاح وُجد له لم يقاتل به المسلمين ، وبالكفّ عن جميع أمواله التي وجدت في داره وغير داره ، وأمر أن ترجع الأموال التي أجاز بها عثمان حيث أُصيبت أو أُصيب أصحابها ، فبلغ ذلك عمرو بن العاص ، وكان بأيلة من أرض الشام أتاها حيث وثب الناس على عثمان فنزلها ، فكتب إلى معاوية :
__________________
(١) فُواق الناقة : الحلبة الواحدة من لبنها.
(٢) يقال : جدح جوين من سويق غيره. مثل يضرب لمن يجود بأموال الناس [مجمع الامثال : ١ / ٢٨٢ رقم ٨٢٦]. (المؤلف)
(٣) السيرة الحلبية : ٢ / ٨٧ [٢ / ٧٨]. (المؤلف)
(٤) نهج البلاغة : ١ / ٤٦ [ص ٥٧ خطبة ١٥] ، شرح ابن أبي الحديد : ١ / ٩٠ [١ / ٢٦٩ خطبة ١٥]. (المؤلف)