حناء (١) ، فأقبل على معاوية وقال : ما أنا بعدوّ لله ولا لرسوله ، بل أنت وأبوك عدوّان لله ولرسوله ، أظهرتما الإسلام وأبطنتما الكفر ، ولقد لعنك رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ودعا عليك مرّات أن لا تشبع ، سمعت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يقول : «إذا ولي الأُمّة الأَعْيَن (٢) الواسع البلعوم الذي يأكل ولا يشبع فلتأخذ الأُمّة حذرها منه» (٣). فقال معاوية : ما أنا ذاك الرجل. قال أبو ذر : بل أنت ذلك الرجل أخبرني بذلك رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وسمعته يقول وقد مررت به : «اللهمّ العنه ولا تشبعه إلاّ بالتراب». وسمعته صلىاللهعليهوآلهوسلم يقول : «است معاوية في النار». فضحك معاوية وأمر بحبسه ، وكتب إلى عثمان فيه ، فكتب عثمان إلى معاوية : أن احمل جندباً إليّ على أغلظ مركب وأوعره ، فوجّه به مع من سار به الليل والنهار وحمله على شارف ليس عليها إلاّ قتب حتى قدم به المدينة وقد سقط لحم فخذيه من الجهد.
فلمّا قدم بعث إليه عثمان : الحق بأيّ أرض شئت قال : بمكة؟ قال : لا. قال : بيت المقدس؟ قال : لا. قال : بأحد المصرين؟ قال : لا ، ولكني مسيّرك إلى الربذة ، فسيّره إليها ، فلم يزل بها حتى مات.
وفي رواية الواقدي : أنّ أبا ذر لمّا دخل على عثمان قال له :
لا أنعمَ اللهُ بقَينٍ عينا |
|
نعم ولا لقّاه يوماً زينا |
تحيّة السخط إذا التقينا
__________________
(١) كذا في الطبعة التي اعتمدها المؤلف ، وفي الطبعة المعتمدة لدينا : في ظهره جنأ. والجنأ : إشراف الكاهل على الصدر.
(٢) في لفظ الحديث سقط كما لا يخفى [والأَعْيَن هو واسع العين ، ويبدو أن سياق الحديث متماسك]. (المؤلف)
(٣) وفي حديث عليّ عليهالسلام : «لا يذهب أمر هذه الأُمّة إلاّ على رجل واسع السرم ، ضخم البلعوم» ذكره ابن الأثير في النهاية : ١ / ١١٢ [٢ / ٣٦٢] ، لسان العرب : ١٤ / ٣٢٢ [٦ / ٢٤٨] ، تاج العروس : ٨ / ٢٠٦. (المؤلف)