فقال أبو ذر : ما عرفت اسمي قيناً قطُّ. وفي رواية أخرى : لا أنعم الله بك عيناً يا جنيدب. فقال أبو ذر : أنا جندب وسمّاني رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم عبد الله ، فاخترت اسم رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم الذي سمّاني به على اسمي ، فقال له عثمان : أنت الذي تزعم أنّا نقول : يد الله مغلولة وأنّ الله فقير ونحن أغنياء؟ فقال أبو ذر : لو كنتم لا تقولون هذا لأنفقتم مال الله على عباده ، ولكنّي أشهد أنّي سمعت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يقول : «إذا بلغ بنو أبي العاص ثلاثين رجلاً جعلوا مال الله دولاً ، وعباده خولاً ، ودينه دخلاً». فقال عثمان لمن حضر : أسمعتموها من رسول الله؟ قالوا : لا. قال عثمان : ويلك يا أبا ذر أتكذب على رسول الله؟ فقال أبو ذر لمن حضر : أما تدرون أنّي صدقت؟ قالوا : لا والله ما ندري. فقال عثمان : ادعوا لي عليّا. فلمّا جاء قال عثمان لأبي ذر : اقصص عليه حديثك في بني أبي العاص. فأعاده ، فقال عثمان لعليّ عليهالسلام : أسمعت هذا من رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم؟ قال : «لا وقد صدق أبو ذر» فقال : كيف عرفت صدقه؟ قال : لأنّي سمعت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يقول : «ما أظلّت الخضراء ولا أقلّت الغبراء من ذي لهجة أصدق من أبي ذر» فقال من حضر : أمّا هذا فسمعناه كلّنا من رسول الله. فقال أبو ذر : أحدّثكم أنّي سمعت هذا من رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فتتّهمونني؟ ما كنت أظنُّ أنّي أعيش حتى أسمع هذا من أصحاب محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم.
وروى الواقدي في خبر آخر بإسناده عن صهبان مولى الأسلميين ، قال : رأيت أبا ذر يوم دخل به على عثمان فقال له : أنت الذي فعلت وفعلت؟ فقال أبو ذر : نصحتك فاستغشتني ونصحت صاحبك فاستغشّني. قال عثمان : كذبت ولكنّك تريد الفتنة وتحبّها وقد أنغلت الشام علينا. قال له أبو ذر : اتّبع سنّة صاحبيك لا يكن لأحد عليك كلام. فقال عثمان : مالك وذلك لا أُمّ لك؟ قال أبو ذر : والله ما وجدت لي عذراً إلاّ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. فغضب عثمان وقال : أشيروا عليّ في هذا الشيخ الكذّاب ، إمّا أن أضربه أو أحبسه أو أقتله ، فإنّه قد فرّق جماعة المسلمين ، أو أنفيه من أرض الإسلام. فتكلّم عليّ عليهالسلام وكان حاضراً فقال : «أُشير عليك بما