قال مؤمن آل فرعون : (وَإِنْ يَكُ كاذِباً فَعَلَيْهِ كَذِبُهُ وَإِنْ يَكُ صادِقاً يُصِبْكُمْ بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ إِنَّ اللهَ لا يَهْدِي مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ كَذَّابٌ). فأجابه عثمان بجواب غليظ وأجابه عليّ عليهالسلام بمثله ولم نذكر الجوابين تذمّماً منهما.
قال الواقدي : ثمّ إنّ عثمان حظر على الناس أن يقاعدوا أبا ذر ويكلّموه فمكث كذلك أيّاماً ثمّ أُتي به فوقف بين يديه ، فقال أبو ذر : ويحك يا عثمان أما رأيت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ورأيت أبا بكر وعمر؟ هل هديك كهديهم؟ أما إنّك لتبطش بي بطش جبّار. فقال عثمان : اخرج عنّا من بلادنا. فقال أبو ذر : ما أبغض إليّ جوارك! فإلى أين أخرج؟ قال : حيث شئت. قال : أخرج إلى الشام أرض الجهاد. قال : إنّما جلبتك من الشام لما قد أفسدتها ، أفأردّك إليها؟ قال : أفأخرج إلى العراق؟ قال : لا إنّك إن تخرج إليها تقدم على قوم أُولي شقّة (١) وطعن على الأئمّة والولاة. قال : أفأخرج إلى مصر؟ قال : لا ، قال : فإلى أين أخرج؟ قال : إلى البادية. قال أبو ذر : أصير بعد الهجرة أعرابيّا؟ قال : نعم. قال أبو ذر : فأخرج إلى بادية نجد. قال عثمان : بل إلى الشرق الأبعد أقصى فأقصى ، امض على وجهك هذا فلا تَعدُوَنّ الربذة ، فخرج إليها.
وروى الواقدي أيضاً عن مالك بن أبي الرجال ، عن موسى بن ميسرة : أنّ أبا الأسود الدؤلي قال : كنت أُحبُّ لقاء أبي ذر لأسأله عن سبب خروجه إلى الربذة ، فجئته فقلت له : ألا تخبرني : أخرجت من المدينة طائعاً أم أُخرجت كرهاً؟ فقال : كنت في ثغرٍ من ثغور المسلمين أغني عنهم فأُخرجت إلى المدينة ، فقلت : دار هجرتي وأصحابي ، فأُخرجت من المدينة إلى ما ترى ، ثمّ قال : بينا أنا ذات ليلة نائم في المسجد على عهد رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم إذ مرّ بي عليهالسلام فضربني برجله وقال : «لا أراك نائماً في المسجد» فقلت : بأبي أنت وأُمّي غلبتني عيني
__________________
(١) في شرح النهج : أُولي شُبَه.