وفي هذه الأحاديث تقرير الأغنياء وأهل الدثور والأموال على أحوالهم المنوطة بالوفر المخصوص بهم واليسار الممنوح لهم وأنّه ليس منهم ، وذكر الصدقة من فضول أموال المثرين ، والتأسف على ما يفوت الفقراء من صدقاتهم بالأموال فرضاً وتطوّعاً ، وأين يثبت الاشتراكيّ مالاً لأحد فيثبت له فضولاً؟ ومتى يرى في العالم غنيّا غير غاصب؟ وأنّى يُبقي موضوعاً للصلات والصدقات وفروض الإنسانيّة؟ لكن روايات أبي ذر تثبت كلّ ذلك.
٦ ـ أمرني خليلي صلىاللهعليهوآلهوسلم بسبع : أمرني بحبّ المساكين والدنوّ منهم ، وأمرني أن أنظر إلى من هو دوني ولا أنظر إلى من هو فوقي.
وفي لفظ : أوصاني حِبيّ بخمس : أرحم المساكين وأجالسهم ، وأنظر إلى من هو تحتي ولا أنظر إلى من هو فوقي (١).
... وممّا لا غبار عليه أنّ المراد من الدون والتحت في الحديثين : من هو دونه في المال ليشكر الله سبحانه على تفضيله عليهم ، ولا ينظر إلى من فوقه لئلاّ يشغله الاستياء أو الحسد على تفضيل غيره عليه عن الذكر والشكر والنشاط في العبادة ، وأمّا الأعمال والطاعات والملكات الفاضلة ، فينبغي للإنسان أن ينظر إلى من هو فوقه فيها ليتنشّط على مثل عمله فيتحرّى شأوه ، ولا ينظر إلى من هو دونه فيفتر عن العمل ويقعد عن اكتساب الفضائل والفواضل ، وربّما داخله العجب.
ففي الحديثين إثبات الماليّة والتفاضل فيها بالرغم من المبدأ الشيوعيّ.
٧ ـ ليس من فرس عربيّ إلاّ يؤذن له مع كلّ فجر يدعو بدعوتين يقول : اللهمّ
__________________
(١) مسند أحمد : ٥ / ١٥٩ ، ١٧٣ [٦ / ١٩٩ ح ٢٠٩٠٦ ، ص ٢١٩ ح ٢١٠٠٦] ، حلية أبي نعيم : ١ / ١٦٠. (المؤلف)