والأنفال وغيرها من الواجب المالي المقرّر ، مضافاً على ما قد يجب على الإنسان حيناً بعد حين لموجب هنالك كالكفّارات والنذور والمظالم.
وأمّا التطوّع بالصدقات والإنفاق ممّا فضل وهو الذي كاد أن يُعدّ من فروض الإنسانيّة فحدّث عنه ولا حرج ، وقد بالغ الصادع الكريم في الحث عليه ومرّ شطر من أحاديثه ، وأخرج مسلم (١) والترمذي (٢) وغيرهما من طريق أبي أمامة مرفوعاً : «يا ابن آدم إنّك إن تبذل الفضل خير لك ، وإن تمسكه شرّ لك ، ولا تُلام على كفاف». الترغيب والترهيب (٣) (١ / ٢٣٢ ، ٢٥٢).
وأخرج مسلم (٤) من طريق أبي سعيد الخدري مرفوعاً : «من كان معه فضل من ظهر فليعد به على من لا ظهر له ، ومن كان عنده فضل من زاد فليعد به على من لا زاد له». سنن البيهقي (٤ / ١٨٢).
وفي صحيح مرّ في (ص ٣٥٤) قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «على كلّ نفس في كلّ يوم طلعت فيه الشمس صدقة عنه على نفسه».
وللإسلام وراء هذه كلّها آداب وسنن تُعرب عن حرمة من قتر عليه رزقه وعن كرامته في الملأ الدينيّ تصديقاً للإنكار الوارد في قوله تعالى : (فَأَمَّا الْإِنْسانُ إِذا مَا ابْتَلاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ* وَأَمَّا إِذا مَا ابْتَلاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهانَنِ* كَلاَّ) (٥). فأمر كتابه المقدّس بالإنفاق من جيّد المال ونفيسه بقوله : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّباتِ ما كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَلا تَيَمَّمُوا
__________________
(١) صحيح مسلم : ٢ / ٤١٣ ح ٩٧ كتاب الزكاة.
(٢) سنن الترمذي : ٤ / ٤٩٥ ح ٣٣٤٣.
(٣) الترغيب والترهيب : ١ / ٥٩٠ و ٢ / ٤٩.
(٤) صحيح مسلم : ٣ / ٥٦٦ ح ١٨ كتاب اللقطة.
(٥) الفجر : ١٥ ، ١٦ ، ١٧.