الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ) الآية (١). وقوله تعالى : (لَنْ تَنالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ وَما تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فَإِنَّ اللهَ بِهِ عَلِيمٌ) (٢) ونهى عن نهر السائل وإبطال الصدقات بالمنّ والأذى ورياء الناس ، فقال عزّ من قائل : (وَأَمَّا السَّائِلَ فَلا تَنْهَرْ) (٣) وقال : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُبْطِلُوا صَدَقاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذى كَالَّذِي يُنْفِقُ مالَهُ رِئاءَ النَّاسِ وَلا يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ صَفْوانٍ عَلَيْهِ تُرابٌ فَأَصابَهُ وابِلٌ فَتَرَكَهُ صَلْداً لا يَقْدِرُونَ عَلى شَيْءٍ مِمَّا كَسَبُوا) (٤). وقال : (الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ ثُمَّ لا يُتْبِعُونَ ما أَنْفَقُوا مَنًّا وَلا أَذىً لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ) (٥). وقال : (قَوْلٌ مَعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِنْ صَدَقَةٍ يَتْبَعُها أَذىً وَاللهُ غَنِيٌّ حَلِيمٌ) (٦).
وقال النبيّ الأعظم صلىاللهعليهوآلهوسلم : «لا يقبل الله من مُسمعٍ ولا مُراءٍ ولا منّانٍ ، والمتحدّث بصدقته يطلب السمعة ، والمعطي في ملأ من الناس يبغي الرياء» (٧).
وأخرج مسلم في صحيحه (٨) مرفوعاً : «ثلاثة لا يكلّمهم الله يوم القيامة ولا ينظر إليهم ولا يزكّيهم ولهم عذاب أليم : المنّان بما أعطى ...». سنن البيهقي (٤ / ١٩١).
وذكر ابن كثير مرفوعاً : «لا يدخل الجنّة عاقّ ، ولا منّان ، ولا مُدمن خمر». تفسير ابن كثير (١ / ٣١٨).
ولقطع أُصول المنّ بالإعطاء وتنزيه نفوس أهل اليسار عن الاستعلاء والترفّع والعُجب بأعطياتهم ، ومن كان غنيّا فليستعفف ، وتطهير قلوب الفقراء الشريفة عمّا
__________________
(١) البقرة : ٢٦٧.
(٢) آل عمران : ٩٢.
(٣) الضحى : ١٠.
(٤) البقرة : ٢٦٤.
(٥) البقرة : ٢٦٢ ، ٢٦٣.
(٦) البقرة : ٢٦٢ ، ٢٦٣.
(٧) إحياء العلوم : ١ / ٢٢٢ [١ / ١٩٤]. (المؤلف)
(٨) صحيح مسلم : ١ / ١٤١ ح ١٧١ كتاب الايمان.