الغار قبل النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم لينظر أفيه سبع أو حيّة كما في سيرة ابن هشام (١) ، ولم يصحّ عند الحاكم من القصّة إلاّ هذا المقدار كما سمعت ، ولو صحّ شيء زائد على هذا لما فاتته روايته ولو مرسلة.
وزيدت في القرن الرابع قصّة الثوب وبقاء جحر واتّكاء أبي بكر عليه بعقبه ودعاء النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم له لاتّقائه عنه صلىاللهعليهوآلهوسلم بثوبه عن لدغ الحشرات المزعومة.
وجدّدت النغمات في قرن المحبّ الطبري المتخصّص الفنّان في رواية الموضوعات وجمع شتاتها ، فجاء في روايته ما سمعت ، غير أنّ ألفاظه مع وجازته مضطربة جدّا لا يلتئم شيء منها مع الآخر.
ثمّ جاء الحلبي فنوّم رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ورأسه في حجر أبي بكر ، وسقى وجه رسوله الكريم بدموع أبي بكر المتساقطة من الألم ، كلّ هذه لم يبرّد كبد الحلبي وما شفى غليله ، فوجّه قوارصه على الرافضة وألبس رءوسهم لباداً مقصّصاً على صورة تلك الحيّة الموهومة التي لم يُذعن رافضيّ قطّ بوجودها.
ثمّ لمّا أدخل أبو بكر رجله إلى فخذه في الجحر ونزل النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ووجده قاعداً لا يتحرّك ، ورام أن ينام ، ووضع رأسه الشريف في حجره ، هلاّ سأل صلىاللهعليهوآلهوسلم صاحبه عن حالته العجيبة وجلوسه المستغرب الذي لا يقوم عنه؟ وهل يمكن له أن يستر على صاحبه كلّ ما فعل وهو معه ينظر إليه من كَثب؟
وأيّ لديغ هذا؟! وأيّ تصبّر وتجلّد؟! وأيّ منظر مهول؟! رجل الرجل في الجحر إلى فخذه ولا ثوب عليه ، ورأس النبيّ العظيم في حجره ، والأفاعي والحيّات تلدغه وتلسعه من هنا وهنا ، لا اللديغ يتململ تململ السليم ، حتى يحرّك رجله أو عقبه فتجد تلكم الحشرات مسرحاً فتبعد عنه ، ولا يئنّ ولا يحنّ ولا تُسمع له زفرة ،
__________________
(١) السيرة النبوية : ٢ / ١٣٠.