الملاّ حسن أفندي البزّار الموصلي في ديوانه (ص ٤٢):
إنَّ قدرَ الصدِّيقِ جلَّ فأضحى |
|
كلُّ مدحٍ مقصّراً عن عُلاهُ |
ليت شعري ما قيمةُ الشعرِ فيمن |
|
جاء في محكمِ الكتاب ثناهُ |
كلُّ من في الوجود يبغي رضا |
|
الله تعالى واللهُ يبغي رضاهُ |
وقوله في مدحه أيضاً :
إنَّ ذكرَ الصدِّيقِ ما دارَ إلاّ |
|
ملأَ الكونَ هيبةً ووقارا |
صاحبُ الغار كان للسيّدِ |
|
المختارِ واللهِ صاحباً مختارا |
تاهَ في ذكره الوجودُ فلو لا |
|
هيبةٌ منه أوقرته لطارا |
نعم ؛ لنا حقّ النظر في ثروة أبي بكر التي منحوه إياها ، فكانت من جرّائها له المنن على رسول الله وعلى الدين والمسلمين ، تلك الثروة الطائلة التي هيأت له ألف ألف أوقية ـ كما جاء فيما أخرجه النسائي (١) عن عائشة قالت : فخرت بمال أبي في الجاهليّة وكان ألف ألف أوقية (٢) ـ ونضّدت له ثلاثمائة وستّين كرسيّا في داره ، وأسدلت على كلّ كرسي حلّة بألف دينار ، كما سمعته عن الشيخ محمد زين العابدين البكري ، وأنت تعلم ما يستتبع هذا التجمّل من لوازم وآثار ، وأثاث ورياش ، ومناضد وأواني وفرش ، لا تقصر عنها في القيمة ، وما يلزم من خدم وحشم ، وقصور شاهقة ، وغرف مشيّدة ، وما يلازم هذه البسطة في المال من خيل وركاب وأغنام ومواشي وضيعة وعقار ، إلى غيرها من توابع الجاه والمال.
أنا لا أدري أيّ باحة كانت تقلّ ذلك كلّه؟ ولم يفز بمثلها يومئذٍ أحد من ملوك الدنيا ، وهل كانت الكراسي المذكورة منضّدة في غرفة واحدة؟ فما أكبرها من غرفة!
__________________
(١) ميزان الاعتدال : ٢ / ٣٤١ [٣ / ٣٧٥ رقم ٦٨٢٣] ، تهذيب التهذيب : ٨ / ٣٢٥ [٨ / ٢٩١]. (المؤلف)
(٢) الأوقية : أربعون درهماً. (المؤلف)