ترى ابن كثير هاهنا يتحامل على ابن عساكر رجاء أن ينطلي بذلك على الأغرار ما سرده من الأكاذيب الموضوعة ويزيّف جملة منها لإثبات بعضها الآخر. ذاهلاً عن أنَّ يد التنقيب تكشف عمّا غطّاه دجله غلوّاً منه في الفضائل.
٢٦ ـ أخرج ابن عساكر (١) من طريق نعيم بن حمّاد عن محمد بن حرب عن أبي بكر بن أبي مريم عن محمد بن زياد عن عوف بن مالك الأشجعي ، قال : بينما أنا راقدٌ في كنيسة يوحنّا ـ وهي يومئذٍ مسجد يصلّى فيها ـ إذ انتبهت من نومي فإذا بأسد يمشي بين يديَّ ، فوثبت إلى سلاحي ، فقال الأسد : مَه ، إنّما أُرسلت إليك برسالة لتبلّغها ، قلت : ومن أرسلك ؟ قال : الله أرسلني إليك لتبلّغ معاوية السلام وتعلمه أنّه من أهل الجنّة. فقلت له : ومن معاوية ؟ قال : معاوية بن أبي سفيان (٢).
في الإسناد :
١ ـ نعيم بن حمّاد ، مرَّ القول بأنَّه كذّابٌ وضّاع.
٢ ـ محمد بن زياد هو الحمصي ، شاميّ ناصبيّ من ألدّاء أعداء أمير المؤمنين ، وثّقه ابن معين (٣) ، وقال : ثقة مأمون ، وذكره ابن حبّان في الثقات (٤) وقال : لا يعتدّ بروايته إلّا ما كان من رواية الثقات عنه. وقال الحاكم : اشتهر عنه النصب كحريز (٥) ابن عثمان.
تهذيب التهذيب (٦) ( ٩ / ١٧٠ ).
___________________________________
(١) مختصر تاريخ دمشق : ٢٥ / ١٦.
(٢) تاريخ ابن كثير : ٨ / ١٢٣ [ ٨ / ١٣٢ حوادث سنة ٦٠ هـ ] ، مجمع الزوائد : ٩ / ٣٥٧. ( المؤلف )
(٣) التاريخ : ٤ / ٤٢٩ رقم ٥١٢٤.
(٤) الثقات : ٥ / ٣٧٢.
(٥) كان يلعن عليّاً كلّ يوم سبعين مرّة ، أحد رجال صحيح البخاري. ( المؤلف )
(٦) تهذيب التهذيب : ٩ / ١٥٠.