وحديث مسلم (١) الذي يلوح عليه لوائح الافتعال إنّما اختلق لمثل هذه الغاية وتأويل ما إليها ممّا صدر عن النبيّ الأقدس صلىاللهعليهوآلهوسلم من طعن ولعن وسبّ وجلد ودعوة على من يستحق كلّها ، وللدفاع عن أولياء الشيطان وفي الطليعة منهم ابن أبي سفيان والمنع عن الوقيعة فيهم وغمزهم تأسِّياً برسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، لفّقوا مكابرات عجيبة في دلالة الألفاظ والنصوص وأنَّ ذلك صدر منه صلىاللهعليهوآلهوسلم لا عن قصد ، أو أنّه صدر عن نزعات نفسيّة تقتضيها فطرة البشر ، وقد ذهب على المغفّلين أنَّه صلىاللهعليهوآلهوسلم لا ينطق عن الهوى إن هو إلَّا وحيٌ يوحى ، وأنَّه لعلى خلق عظيم ، وأنّ في كتابه الذي جاء به من ربّه قوله تعالى : ( وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينًا ) (٢).
وقد صحّ عنه قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : « المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده » (٣).
___________________________________
(١) اللّهمّ إنّما أنا بشر فأيّما رجل من المسلمين سببته أو لعنته أو جلدته فاجعلها له زكاة ورحمة.
اللّهمّ أني اتّخذ عندك عهداً لن تخلفنيه ، فإنّما أنا بشر فأيّ المؤمنين آذيته ، شتمته ، لعنته ، جلدته فاجعلها له صلاة وزكاة وقربة تقرّبه بها إليك يوم القيامة.
اللّهمّ إنّ محمداً بشر يغضب كما يغضب البشر وإنّي قد اتّخذت عندك عهداً لن تخلفنيه ، فأيّما مؤمن آذيته أو سببته أو جلدته فاجعلها له كفّارة وقربة تقرّبه بها إليك يوم القيامة.
إنّما أنا بشر وإنّي اشترطت على ربّي عزَّوجلَّ أيّ عبد من المسلمين سببته أو شتمته أن يكون ذلك له زكاة وأجراً.
إنّي اشترطت على ربّي فقلت : إنّما أنا بشر أرضى كما يرضى البشر ، وأغضب كما يغضب البشر ، فأيّما أحد دعوت عليه من أمّتي بدعوة ليس لها بأهل أن يجعلها له طهوراً وزكاة وقربة يقرّبه بها منه يوم القيامة. هذه ألفاظ حديث مسلم في صحيحه : ٨ / ٢٤ ـ ٢٧ [ ٥ / ١٦٨ ـ ١٧٠ ح ٨٨ ـ ٩٥ ]. ( المؤلف )
(٢) الأحزاب : ٥٨.
(٣) أخرجه البخاري [ في الصحيح : ١ / ١٣ ح ١٠ ] ، ومسلم [ في الصحيح : ١ / ٩٦ ح ٤١ كتاب الإيمان ] ، وأحمد [ في مسنده : ٢ / ٣٩٦ ح ٦٧٦٧ ] ، والترمذي [ في السنن ٤ / ٥٧٠ ح ٢٥٠٤ ] ، والنسائي [ في السنن الكبرى : ٦ / ٥٣٠ ح ١١٧٢٦ و ١١٧٢٧ ] ، والطبراني [ في المعجم الكبير : ١ / ٣٦٩ ح ١١٣٧ ] ، وابن حبّان [ في الإحسان : ٢ / ١٢٥ ح ٣٩٩ ] ، وأبو داود [ الطيالسي في مسنده : ص ٢٤٦ ح ١٧٧٧ ]. ( المؤلف )