فنهتني قريش وقالوا : تكتب كلّ شيء سمعته من رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ورسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم بشر يتكلّم في الغضب والرضا ؟ فأمسكت عن الكتاب ، فذكرت ذلك لرسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فأومأ بإصبعه إلى فيه وقال : « أُكتب ، فوالذي نفسي بيده ما خرج منه إلّا حقٌّ » (١).
وكان صلىاللهعليهوآلهوسلم كما وصفه أمير المؤمنين عليهالسلام : « لا يغضب للدنيا فإذا أغضبه الحقُّ لم يعرفه أحد ولم يقم لغضبه شيء حتى ينتصر له » (٢).
وهل يُدنّسون بهذا العزو المختلق ـ لتبرير ذيل أمثال ابن هند ـ ساحة نبيّ صحَّ عنه صلىاللهعليهوآلهوسلم قوله : « إنّ العبد إذا لعن شيئاً صعدت اللعنة إلى السماء فتغلق أبواب السماء دونها ، ثم تهبط إلى الأرض فتغلق أبوابها دونها ، ثم تأخذ يميناً وشمالاً ، فإن لم تجد مساغاً رجعت إلى الذي لُعِن ، فإن كان أهلاً وإلّا رجعت إلى قائلها » (٣) ؟
وهل يشوّهون بها سمعة قداسة نبيّ كان يؤدِّب أُمّته بآداب الله ، وينهى أصحابه عن لعن كلّ شيء حتى الدوابّ والبهائم والديك والبرغوث والريح ؟ وكان يقول : « من لعن شيئاً ليس له بأهل رجعت اللعنة عليه » (٤). وقال لرجل كان يسير معه فلعن بعيره : « يا عبد الله لا تسر معنا على بعير ملعون » (٥). وقال لمّا لعنت جارية ناقتها : « لا تصاحبنا ناقة عليها لعنة ». وفي حديث المعتمر : « ايم الله لا تصاحبنا راحلة عليها لعنة من الله » (٦). وكان صلىاللهعليهوآلهوسلم يبالغ في الأمر ويحذّر الناس عنه حتى قال سلمة بن الأكوع : كنّا إذا رأينا الرجل يلعن أخاه رأينا أن قد أتى باباً من الكبائر (٧).
___________________________________
(١) سنن الدارمي ١ / ١٢٥. ( المؤلف )
(٢) أخرجه الترمذي في الشمائل [ ص ١١٣ ح ٢٢٥ وفيه : عن الحسن بن عليّ عليهالسلام ]. ( المؤلف )
(٣) الترغيب والترهيب : ٣ / ١٩٦ [ ٣ / ٤٧٢ ح ١٦ ]. ( المؤلف )
(٤) الترغيب والترهيب : ٣ / ١٩٧ وصحّحه [ ٣ / ٤٧٤ ـ ٤٧٥ ح ٢١ ـ ٢٦ ]. ( المؤلف )
(٥) الترغيب والترهيب : ٣ / ١٩٦ فقال : إسناده جيّد [ ٣ / ٤٧٤ ح ١٩ ]. ( المؤلف )
(٦) صحيح مسلم : ٨ / ٢٣ [ ٥ / ١٦٦ ـ ١٦٧ ح ٨٣ كتاب البرّ والصلة والآداب ]. ( المؤلف )
(٧) الترغيب والترهيب : ٣ / ١٩٥ قال : سندٌ جيّد [ ٣ / ٤٧٢ ح ١٥ ]. ( المؤلف )