أخرجه ابن سعد (١) عن الوليد بن مسلم عن شيخ من أهل دمشق عن يونس ابن ميسرة بن جليس عن عبد الرحمن (٢).
أنظر إلى سلسلة الشاميّين في إسناد هذه المفتعلة : يروي الوليد مولى بني أُميّة عالم الشام الذي كان كثير الخطأ ، يروي عن الكذّابين ثم يدسّها عنهم ، روى الأوزاعي عن ضعفاء أحاديث مناكير فأسقطهم الوليد وصيّرها من رواية الأوزاعي ، وكان رفّاعاً اختلط عليه ما سمع وما لم يسمع وكانت له منكرات (٣) عن شيخ من أهل الشام لا يعرفه إنس ولا جان ، عن يونس الأعمى الشامي الذي أدرك معاوية وروى عنه واستمرأ رضائخه ، عن عبد الرحمن الذي لا تثبت أحاديثه ولا تصحّ صحبته كما قاله ابن عبد البرّ.
أفهل يروي مثل هذه الأُضحوكة إلّا أمثال هؤلاء ؟ وهل تروى إلّا بمثل هذا الإسناد الوعر ؟ وهل تدري أيّ بيعة غاشمة يراها النبيُّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ العياذ بالله ـ بيعة هدى ؟ هي ذلك الملك العضوض الذي كان يُنبئ عنه الصادع الكريم ، ويحضّ أصحابه على قتال صاحبه ، بيعة الطليق ابن الطليق التي كانت قوامها البراءة عن ولاية الله الكبرى ولاية أمير المؤمنين التي جاء بها الكتاب الكريم ، وأكمل الله بها الدين ، وأتمّ بها النعمة ، وقرنها بولايته وولاية رسوله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، بيعة عمّت شؤمها الإسلام ، وزرعت في قلوب أهلها الآثام ، وخلطت الحلال بالحرام ، وأباحت الأموال والدماء للطلقاء واللعناء ، وجرّت الويلات على عترة محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم وعلى أُمّته حتى اليوم.
___________________________________
(١) الطبقات الكبرى : ٧ / ٤١٧.
(٢) الإصابة : ٢ / ٤١٤ [ رقم ٥١٧٧ وفيه : حليس ، والظاهر أنه سهو طباعي. والصحيح حَلْبَس كما ضبطه ابن حجر في تهذيب التهذيب : ١١ / ٣٩٤ والمزي في تهذيب الكمال : ٣٢ / ٥٤٤ رقم ٧١٨٥ وآخرون ، وقد مرَّ في الصحيفة ١١١ ما أخرج له الطبراني من مناقب معاوية ح ٢٥ وأسماه ابن حلبس ]. ( المؤلف )
(٣) تهذيب التهذيب : ١١ / ١٥١ ـ ١٥٥ [ ١٣٥ ـ ١٣٦ ]. ( المؤلف )