مما رواه : الطبراني وأبو نعيم وابن منده ورواه ابن أبي الدنيا عن أنس. وحكاه ( ص ١٠٥ ) عن ابن عبد البر وابن سيّد الناس وابن الأثير والذهبي وابن الجوزي وابن أبي الدنيا.
قال الأميني : نعمت الدعاية إلى مبادئ اعتنقها القوم ولم يقتنعوا بابتداعها حتى دعموها بأمثال هذه ، وللمنقّب أن يسهب في القول هاهنا لكنّا نحيله إلى رويّة القارئ. ولنا أن نُسائل صاحب هذه المهزأة : هل القيامة قد قامت يوم مات فيه ابن خارجة فكلّم الله فيه الموتى ؟ أو كان ذلك جواباً عن مساءلة البرزخ قد سمعه الملأ الحضور ؟ أو أنَّ عقيدة الإماميّة في مسألة الرجعة قد تحقّقت فرجع ابن خارجة ـ ولم يكن رجوعه في الحسبان ـ لتحقيق الحقائق ، غير أنّ تحقيقه إيّاها لم يعدُ التافهات ؟ وهل كان ابن خارجة متأثّراً من عدم إشادته بأمر خلافة الخلفاء إبّان حياته وكان ذلك حسرة في قلبه حتى تداركه بعد الموت ، وكان من كرامته على الله سبحانه أن منحه بما دار في خلده وهو ميّت ؟ أو أنَّ الله تعالى كلّمه لإقامة الحجّة على الأُمّة وأراه من الكتاب الأوّل ما لم يُره نبيّه الرسول الأمين ، وأرجأ هذا البلاغ لابن خارجة ومنحه ما لم يمنحه صاحب الرسالة الخاتمة ، وليت شعري لو كان ابن خارجة كشفت له عن الحقائق الراهنة الثابتة في الكتاب الأول ، وأذن له ربّه أن يبلّغ أُمّة محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم ما فيه نجاحها ونجاتها ، فلماذا أخفى عليها اسم رابع الخلفاء الراشدين ـ أو الخليفة الحقّ ـ ولم يذكره ؟! أو من الذي أنساه إيّاه فجاء بلاغاً مبتوراً ؟ أفتراه لم يأت ذكره في الكتاب الأوّل وما صدق وما صدق ، وهو نفس النبيّ الأعظم في الكتاب الثاني ، والمطهّر بآية التطهير ، وقد قرنت ولايته بولاية الله وولاية رسوله ؟ إنّ هذا لشيء عجاب.
ولعلّك لا تعجب من هذه الهضيمة بعد ما علمت أنَّ سلسلة هذه الرواية تنتهي إلى سعيد بن المسيّب ونعمان بن بشير وهما هما ، وقد أسلفنا البحث عنهما وأنّهما في طليعة مناوئي أمير المؤمنين عليهالسلام.