أمير المؤمنين عليهالسلام ليلة مبيته على فراش رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم (١) ؟
أم لكون الرجل أعلم من رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم بالقضاء ؟ أنا لا أدري من أين جاء أبو حنيفة بهذا العلم والفقه ؟ أهو فقهٌ إسلاميّ والنبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم مستقاه ومنبثق أنواره ؟ أم هو ممّا اتّخذه من غير المسلمين من رجال كابل أو بابل أو ترمذ (٢) فأحرِ به أن يُضرب عرض الجدار ؟ وأيُّ حاجة للمسلمين إلى فقه غيرهم وقد أنعم الله عليهم بقضاء الإسلام وفقهه وفيهما القول الحاسم وفصل الخطاب ؟
أم لورع الرجل الموصول بفقهه الناجع في قصّة الشاة المسروقة الذي لا يصافقه عليه فيه أيُّ فقيه متورّع ، وقد أباح الإسلام أكل لحم الشياه في جميع الأحيان ، وفي كلّها أفرادٌ منها مسروقةٌ في الحواضر الإسلاميّة وأوساطها ، لكن هذا الفقيه لا يعرف عدم تنجّز الحكم في الشبهات إذا كانت غير محصورة خارجاً أكثر أطرافها من محلِّ الابتلاء ، ولعلّه كان يعلم ذلك لكن عمله هذا من حيله التي هو أخبر بها عن نفسه ، قال أبو عاصم النبيل : رأيت أبا حنيفة في المسجد الحرام يفتي ، وقد اجتمع الناس عليه وآذوه ، فقال : ما هاهنا أحدٌ يأتينا بشرطيّ ؟ فقلت : يا أبا حنيفة تريد شرطيّاً ؟ قال : نعم. فقلت : اقرأ عليَّ هذه الأحاديث التي معي ، فقرأها فقمت عنه ووقفت بحذائه ، فقال لي : أين الشرطيّ ؟ فقلت له : إنَّما قلت : تريد. لم أقل لك : أجيء به فقال : انظروا أنا أحتال للناس منذ كذا وكذا وقد احتال عليَّ هذا الصبيُّ (٣).
أراد الإمام الأعظم بالقصّة التظاهر بالورع ونصبها فخّاً لاصطياد الدهماء كقصته الأخرى المحرابيّة التي حكاها حفص بن عبد الرحمن ؛ قال : صلّيت خلفه فلمّا
___________________________________
(١) أسلفنا حديثه في الجزء الثاني : ص ٤٨. ( المؤلف )
(٢) إيعاز إلى محتد أبي حنيفة ، قال الحافظ أبو نعيم الفضل بن دكين وغيره : أصله من كابل. وقال أبو عبد الرحمن المقري : إنه من أهل بابل. وقال الحارث بن إدريس : أصله من ترمذ. ( المؤلف )
(٣) أخبار الظراف لابن الجوزي : ص ١٠٣ [ ص ١٥٧ ]. ( المؤلف )