صلّى وجلس في المحراب قال له رجلُ : أيحلُّ أن تصلّي وفيه تصاوير ؟ قال : أُصلّي فيه منذ خمس وأربعين سنة فما علمت أنَّ فيه تصاوير ، ثم أمر بالصور فطمست. وقال له رجلٌ : ما أحسن سقف هذا المسجد ! قال : ما رأيته وأنا فيه أكثر من أربعين سنة (١).
ولعلّ رأيه في الشاة ممّا يوقف القارئ على سرِّ عدم دخول آرائه مدينة الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم ، قال محمد بن مسلمة المديني وقيل له : إنَّ رأي أبي حنيفة دخل هذه الأمصار كلّها ولم يدخل المدينة ، قال : لأنّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم قال : على كلِّ ثقب من أثقابها ملكٌ يمنع الدجّال من دخولها. وكلام هذا من كلام الدجّالين ، فمن ثم لم يدخلها (٢).
وفي فقه أبي حنيفة شذوذٌ تقصر عنه قصّة الشاة ، قد خالف فيه السنّة الثابتة حتى قال وكيع بن الجراح (٣) : وجدت أبا حنيفة خالف مائتي حديث عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم (٤). غير أنَّ عبد الله بن داود الحريبي المغالي في حبِّ إمامه يقول : ينبغي للناس أن يدعوا في صلاتهم لأبي حنيفة لحفظه الفقه والسنن عليهم (٥).
وقال صاحب مفتاح السعادة (٦) ( ٢ / ٧٠ ) : سمعت من أثق به يروي عن بعض الكتب أنَّ ثابتاً ـ والد أبي حنيفة ـ توفّي وتزوّج أُمَّ الإمام أبي حنيفة رحمه الله الإمام جعفر الصادق ، وكان أبو حنيفة رحمه الله صغيراً ، وتربّى في حجر جعفر الصادق ، وأخذ علومه منه ، وهذه إن ثبتت فمنقبةٌ عظيمةٌ لأبي حنيفة.
___________________________________
(١) مناقب أبي حنيفة ، تأليف الحافظ الكردري : ١ / ٢٥١. ( المؤلف )
(٢) أخبار الظراف لابن الجوزي : ص ٣٥ [ ص ٤٥ ـ ٤٦ ]. ( المؤلف )
(٣) أبو سفيان الكوفي الحافظ كان ثقة حافظاً متقناً مأموناً عالياً رفيع القدر كثير الحديث وكان يفتي ، توفّي سنة مائة وست وتسعين [ تهذيب التهذيب : ١١ / ١١٤ ]. ( المؤلف )
(٤) الانتقاء لابن عبد البرّ ـ صاحب الاستيعاب ـ : ص ١٥٠. ( المؤلف )
(٥) تاريخ ابن كثير : ١٠ / ١٠٧ [ ١٠ / ١١٤ حوادث سنة ١٥٠ هـ ]. ( المؤلف )
(٦) مفتاح السعادة : ٢ / ١٨١.