قالت : أرى أن تبايع فإنِّي قد أمرت ابني عمر بن أبي سلمة وختني عبد الله بن زمعة أن يبايعا ، فأتاه جابر فبايعه ، وهدم بُسر دوراً بالمدينة ، ثم سار إلى مكة فخاف أبو موسى أن يقتله فهرب ، وكتب أبو موسى إلى اليمن : إنَّ خيلاً مبعوثة من عند معاوية تقتل الناس ، تقتل من أبى أن يقرّ بالحكومة. ثم مضى بُسر إلى المدينة وكان عليها عبيد الله بن عبّاس عاملاً لعليّ فهرب منه إلى عليّ بالكوفة ، واستخلف عبد الله ابن عبد المدان الحارثي فأتاه بُسر فقتله وقتل ابنه ، ولقي بُسر ثقل عبيد الله بن عباس وفيه ابنان له صغيران فذبحهما وهما : عبد الرحمن وقثم ، وقال بعضٌ : إنّه وجدهما عند رجل من بني كنانة بالبادية. فلمّا أراد قتلهما قال له الكناني : لِمَ تقتل هذين ولا ذنب لهما ؟ فإن كنت قاتلهما فاقتلني معهما ، قال : أفعل. فبدأ بالكناني فقتله ثم قتلهما. فخرجت نسوةٌ من بني كنانة فقالت امرأة منهنّ : يا هذا قتلت الرجال ، فعلامَ تقتل هذين ؟ والله ما كانوا يقتلون في الجاهليّة والإسلام ، والله يابن أرطاة إنَّ سلطاناً لا يقوم إلّا بقتل الصبيّ الصغير والشيخ الكبير ، ونزع الرحمة ، وعقوق الأرحام ، لسلطان سوء. وقتل بُسر في مسيره ذلك جماعة من شيعة عليّ باليمن وبلغ علياً الخبر.
تاريخ الطبري ( ٦ / ٧٧ ـ ٨١ ) ، كامل ابن الأثير ( ٣ / ١٦٢ ـ ١٦٧ ) ، تاريخ ابن عساكر ( ٣ / ٢٢٢ ، ٤٥٩ ) ، الاستيعاب ( ١ / ٦٥ ، ٦٦ ) ، تاريخ ابن كثير ( ٧ / ٣١٩ ـ ٣٢٢ ) ، وفاء الوفا ( ١ / ٣١ ) (١).
وقال ابن عبد البرّ في الاستيعاب (٢) ( ١ / ٦٥ ) : كان يحيى بن معين يقول : كان بُسر بن أرطاة رجل سوء. قال أبو عمر : ذلك لأُمور عظام ركبها في الإسلام فيما نقل
___________________________________
(١) تاريخ الأمم والملوك : ٥ / ١٣٩ ـ ١٤٠ حوادث سنة ٤٠ هـ ، الكامل في التاريخ : ٢ / ٤٢٥ ـ ٤٣٢ حوادث سنة ٤٠ هـ ، تاريخ مدينة دمشق : ١٠ / ١٥٢ ـ ١٥٤ رقم ٨٧٢ ، وفي مختصر تاريخ دمشق : ٥ / ١٨٥ ـ ١٨٦ ، الاستيعاب : القسم الأول / ١٥٧ ـ ١٦٦ رقم ١٧٤ ، البداية والنهاية : ٧ / ٣٥٦ ـ ٣٥٧ حوادث سنة ٤٠ هـ ، وفاء الوفا : ١ / ٤٦ الباب ٢.
(٢) الاستيعاب : القسم الأول / ١٥٨ ـ ١٥٩ رقم ١٧٤.