أهل الأخبار وأهل الحديث أيضاً منها : ذبحه ابني عبيد الله بن العبّاس وهما صغيران بين يدي أُمّهما. وقال الدارقطني : لم تكن له استقامة بعد النبيّ عليه الصلاة والسلام وهو الذي قتل طفلين لعبيد الله بن العبّاس. وقال أبو عمرو الشيباني : لمّا وجّه معاوية ابن أبي سفيان بُسر بن أرطاة الفهري لقتل شيعة عليّ رضياللهعنه قام إليه معن أو عمرو بن يزيد السلمي وزياد بن الأشهب الجعدي فقالا : يا أمير المؤمنين نسألك بالله والرحم أن تجعل لبُسر على قيس سلطاناً فيقتل قيساً بما قتلت به بنو سليم من بني فهر وكنانة يوم دخل رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم مكة. فقال معاوية : يا بُسر لا إمرة لك على قيس ، فسار حتى أتى المدينة فقتل ابني عبيد الله وفرَّ أهل المدينة ودخلوا الحرّة حرّة بني سليم. قال أبو عمر : وفي هذه الخرجة التي ذكر أبو عمرو الشيباني أغار بُسر بن أرطاة على همدان وسبى نساءهم ، فكنَّ أوّل مسلمات سبين في الإسلام ، وقتل أحياءً من بني سعد. ثم أخرج أبو عمرو بإسناده من طريق رجلين عن أبي ذرّ : أنّه دعا وتعوّذ في صلاة صلّاها أطال قيامها وركوعها وسجودها قال : فسألاه ممَّ تعوّذت ؟ وفيمَ دعوتَ ؟ قال : تعوّذت بالله من يوم البلاء يدركني ، ويوم العورة أن أدركه. فقالا : وما ذاك ؟ فقال : أمّا يوم البلاء فتلتقي فئتان من المسلمين فيقتل بعضهم بعضاً ، وأمّا يوم العورة فإنّ نساءً من المسلمات يُسْبَيْنَ فيكشف عن سوقهنَّ فأيّتهنّ كانت أعظم ساقاً اشتُريت على عظم ساقها ، فدعوت الله أن لا يدركني هذا الزمان ولعلّكما تدركانه. فقُتل عثمان ثم أرسل معاوية بُسر بن أرطاة إلى اليمن فسبى نساءً مسلمات فأُقِمن في السوق.
وفي تاريخ ابن عساكر (١) ( ٣ / ٢٢٠ ـ ٢٢٤ ) : كان بُسر من شيعة معاوية بن أبي سفيان وشهد معه صفِّين ، وكان معاوية وجّهه إلى اليمن والحجاز في أوّل سنة أربعين ، وأمره أن يستقرئ من كان في طاعة عليّ فيوقع بهم ، ففعل بمكة والمدينة واليمن أفعالاً قبيحةً وقد ولي البحر لمعاوية. وقتل باليمن ابني عبيد الله بن العبّاس. وقال الدارقطني : إنّ بُسراً كانت له صحبة ولم يكن له استقامة بعد النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ يعني : أنّه كان من أهل الردّة.
___________________________________
(١) تاريخ مدينة دمشق : ١٠ / ١٤٤ ـ ١٥٦ رقم ٨٧٢ ، وفي مختصر تاريخ دمشق : ٥ / ١٨٢ ـ ١٨٤.