طريقه
رجالاً ، وأخذ أموالاً ، وبلغ أهل مكة خبره فتنحّى عنها عامّة أهلها ، وتراضى الناس بشيبة بن عثمان أميراً لمّا خرج قثم بن العبّاس عنها ، وخرج إلى بُسر قومٌ
من قريش فتلقّوه فشتمهم ثم قال : أما والله لو تركت ورأيي فيكم لتركتكم وما فيها روحٌ
تمشي على الأرض. فقالوا : ننشدك الله في أهلك وعترتك. فسكت ثم دخل وطاف بالبيت وصلّى ركعتين ثم خطبهم فقال : الحمد لله الذي أعزَّ دعوتنا ، وجمع أُلفتنا ،
وأذلَّ عدوّنا بالقتل والتشريد ، هذا ابن أبي طالب بناحية العراق في ضنك وضيق قد ابتلاه الله بخطيئته ، وأسلمه بجريرته ، فتفرّق عنه أصحابه ناقمين عليه ، وولي الأمر
معاوية الطالب بدم عثمان ، فبايعوا ، ولا تجعلوا على أنفسكم سبيلاً. فبايعوا ، وفقد سعيد
بن العاص فطلبه فلم يجده وأقام أيّاماً ثم خطبهم فقال : يا أهل مكة إنّي قد صفحت عنكم فإيّاكم والخلاف ، فوالله إن فعلتم لأقصدنَّ منكم إلى التي تبير الأصل ، وتحرب
المال ، وتخرب الديار. ثم خرج إلى الطائف.
قال إبراهيم الثقفي :
ووجّه رجلاً من قريش إلى نبالة وبها قومٌ من شيعة عليّ عليهالسلام وأمره بقتلهم فأخذهم وكلّم فيهم وقيل
له : هؤلاء قومك فكفَّ عنهم حتى نأتيك بكتاب من بُسر بأمانهم فحبسهم ، وخرج منيع الباهلي من عندهم إلى بُسر وهو بالطائف يستشفع إليه فيهم ، فتحمّل عليه بقوم من الطائف فكلّموه فيهم وسألوه الكتاب بإطلاقهم فوعدهم ومطلهم بالكتاب حتى ظنَّ أنَّه قد قتلهم القرشيُّ المبعوث لقتلهم ، وأنَّ كتابه لا يصل إليهم حتى يُقتلوا ، ثم كتب لهم فأتى منيع منزله وكان
قد نزل على امرأة بالطائف ورحله عندها فلم يجدها في منزلها ، فوطئ على ناقته بردائه وركب فسار يوم الجمعة وليلة السبت لم ينزل عن راحلته قطّ ، فأتاهم ضحوة وقد أُخرج القوم ليُقتلوا واستبطئ كتاب بُسر فيهم ، فقدّم رجلٌ منهم فضربه رجل من أهل الشام فانقطع سيفه ، فقال الشاميّون بعضهم لبعض : شمسوا سيوفكم حتى تلين فهزّوها وتبصّر منيع الباهلي بريق السيوف ، فألمع بثوبه فقال القوم : هذا راكب
عنده خبر فكفوا ، وقام به بعيره فنزل عنه وجاء على رجليه يشدُّ فدفع الكتاب إليهم