الحميد » (١).
وفيما كتب (٢) الإمام السبط الحسين عليهالسلام إلى معاوية : « ألست قاتل حُجر وأصحابه العابدين المخبتين الذين كانوا يستفظعون البدع ، ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ؟ فقتلتهم ظلماً وعدواناً من بعد ما أعطيتهم المواثيق الغليظة والعهود المؤكّدة جرأةً على الله واستخفافاً بعهده.
أوَلستَ بقاتل عمرو بن الحمق الذي أخلقت وأبلت وجهه العبادة ، فقتلته من بعد ما أعطيته من العهود ما لو فهمته العُصم (٣) نزلت من شعف (٤) الجبال ؟
أولستَ قاتل الحضرمي (٥) الذي كتب إليك فيه زياد : إنّه على دين عليّ كرّم الله وجهه. ودين عليّ هو دين ابن عمّه صلىاللهعليهوآلهوسلم الذي أجلسك مجلسك الذي أنت فيه ، ولولا ذلك كان أفضل شرفك وشرف آبائك تجشّم الرحلتين : رحلة الشتاء والصيف ، فوضعها الله عنكم بنا ، منّةً عليكم ».
هذا حُجر وأصحابه ، وأمّا غاية ذلك العبد الصالح والتابعين له بإحسان في مواقفهم كلّها فهي النهي عن المنكر الموبق من لعن مولانا أمير المؤمنين عليهالسلام على صهوات المنابر ، فكانوا يغبِّرون في وجه من يرتكب تلكم الجريمة من عمّال معاوية وزبانيته الأشدّاء على إمام الحقِّ وأوليائه ، ولم ينقم القوم منهم غير ذلك من عيث في
___________________________________
(١) تاريخ ابن عساكر : ٤ / ٨٦ [ ١٢ / ٢٢٧ رقم ١٢٢١ ، وفي مختصر تاريخ دمشق ٦ / ٢٤١ ] ، تاريخ ابن كثير : ٨ / ٥٥ [ ٨ / ٦٠ حوادث سنة ٥١ هـ ] ، شذرات الذهب : ١ / ٥٧ [ ١ / ٢٤٧ حوادث سنة ٥١ ه ]. ( المؤلف )
(٢) مرّ تمام الكتاب في الجزء العاشر : ص ١٦٠ ، ١٦١. ( المؤلف )
(٣) العُصم : جمع أعصم ، وهي الوعول التي تعتصم بأعلى الجبال.
(٤) شعف الجبال : قُننها وأعاليها.
(٥) يعني شريك بن شدّاد الحضرمي ، كان من أصحاب حُجر الذين بعث بهم زياد إلى معاوية وقتل مع حُجر. ( المؤلف )