لوجوب الصلاة» إنشاءً (١) لا إخباراً ، ضرورة (٢) بقاء الدلوك على ما هو عليه قبل إنشاء السببية له من كونه واجداً لخصوصية مقتضية لوجوبها ، أو فاقداً لها (٣) ،
______________________________________________________
(١) وهو قصد حصول المعنى باللفظ أو بآلة أخرى كالفعل في المعاطاة ، والمراد بالإخبار هو الحكاية عن تحقق المعنى في موطنه المناسب له. ومقصوده (قده) أن ما تقدم من امتناع إيجاد خصوصية السببية في مثل الدلوك بقوله : «الدلوك سبب لوجوب الصلاة» إنما هو إذا كان الكلام إنشاءً أي قُصِد به تحقق أحد هذه العناوين كالسببية بمجرد هذا الجعل ممن بيده أمر التشريع ، وأما إذا قصد بهذا الكلام الإخبار عن ثبوت الخصوصية الذاتيّة للدلوك ونحوه فعدم تحقق السببية بهذا الكلام واضح ، لعدم اقتضاء الإخبار والحكاية تحقق هذه العناوين أصلا ، إذ لو كانت موجودة في الواقع كان الاخبار صدقاً وإلّا فهو كذب ، وليس شأن الخبر إيجاد ما ليس بموجود ، وإنما هو شأن الإنشاء.
نعم لا تنحصر فائدة الإنشاء في التسبب به إلى وجود معنى في الخارج ، بل قد يتوسل به إلى تحقق ما هو ملزوم ذلك المعنى أو لازمه ، فيجعل مثلاً إنشاء سببية الدلوك لوجوب الصلاة كناية عن إنشاء وجوبها ، بعد أن كان المقصود جعل الوجوب ، وإنما الممتنع جعل نفس السببية وأخواتها ، فلا تغفل.
(٢) تعليل لقوله : «لا يكاد يوجد» وهذا إشارة إلى بطلان القول المنسوب إلى المشهور من كون السببية وأخواتها مجعولة بالاستقلال ، وقد تقدم توضيحه.
(٣) أي : للخصوصية ، فلو كان الدلوك واجداً لتلك الخصوصية لم يؤثر الإنشاء
__________________
على الشرط والمانع ، وإخراج السبب عن محل البحث. لكن قد يأباه تصريحه بأن سببية الدلوك والعقد ناشئة من خصوصية ذاتية فيهما أوجبت انتزاع السببية منهما لا عن الحكم الشرعي المترتب عليهما ، وكذا قوله في آخر كلامه : «فظهر بذلك أنه لا منشأ لانتزاع السببية وسائر ما لأجزاء العلة» الظاهر في إرادة المقتضي المقابل للشرط والمانع. فتأمل في العبارة.