أن الانصرام والتدرج في الوجود في الحركة في الأين
______________________________________________________
لفرض وحدة القضية المتيقنة والمشكوكة حقيقة ، وتوضيح هذا الجواب : أن الحركة المتوقفة على أمور ستة ـ وهي المبدأ ، والمنتهى ، والعلة الفاعلية ، والجسم المتحرك ، وما فيه الحركة من المقولات ، والزمان الّذي يكون مقدار الحركة ـ تنقسم إلى قسمين قطعية وتوسطية.
أما القطعية فهي كون الشيء في كل آن في مكان إذا كانت الحركة في المكان كحركة السائر بين نقطتين ، فان مكانه في كل آن غير مكانه في الآن السابق. أو كون الشيء في حدّ غير الحد السابق إذا كانت الحركة في غير المكان ، كما إذا كانت في الكم ، كحركة الجسم النامي كالشجر والطفل إذا أخذا في النموّ أو الذبول. أو في الكيف كصيرورة الماء البارد حارّا أو الورق الأخضر من الشجر أصفر ، ونحو ذلك. أو في الوضع كصيرورة القائم قاعدا أو العكس ، فان حدود المتحرك في النموّ والذبول وغيرهما تختلف ، فانه في كل آن يكون بحد خاص غير حد الآن السابق ، فهو يخلع حدا ويلبس حدا آخر.
وعليه فالحركة القطعية في أي مقولة كانت هي الصورة المرتسمة في الخيال المنتزعة عن الأكوان المتعاقبة الموافية للحدود الواقعة بين المبدأ والمنتهى ، فهذه الأكوان أجزاء لهذه الحركة ، وهي متفرقة في الخارج ومجتمعة في الخيال.
وأما التوسطية فهي كون الشيء بين المبدأ والمنتهى كالسائر بين بلدين كالسائر بين النجف الأشرف وكربلاء المقدسة ، وكالنهار الّذي هو عبارة عن كون الشمس بين المشرق والمغرب ، وكالليل الّذي هو عبارة عن كون الشمس بين المغرب والمشرق ، وهكذا.
وتختلف هذه الحركة عن الأولى بأن الأكوان المتصلة المتعاقبة تكون جزئيات لها ، لأن كل واحد من الأكوان الموافية للحدود واقع بين المبدأ والمنتهى ، والكون بين الحدين واحد شخصي لا تعدد فيه. والتدرج والانصرام في الوجود المانع عن جريان الاستصحاب إنما هو في القسم الأول أعني الحركة القطعية التي يلاحظ