لثبوت كلا النظرين (١) ويقع التعارض بين الاستصحابين كما قيل (٢).
فانه يقال (٣) : إنما يكون
______________________________________________________
وعدمه موجود ، فيجري فيهما الاستصحاب ، ويسقط بالتعارض. توضيحه : أن وجود الحكم فيما بعد الزمان المأخوذ في دليله مشكوك فيه بعد القطع بوجوده في ذلك الزمان ، كما أن عدم الحكم قبل التشريع كان معلوما وانتقض في قطعة من الزمان قطعا ، ولم يعلم انتقاضه فيما بعده ، فبعد انقضاء ذلك الزمان يشك في وجود الحكم ، لاحتمال بقائه وعدم اختصاصه بذلك الزمان ، فيستصحب وجوده. كما أنه يشك في بقاء عدمه الأزلي ، حيث ان المعلوم انتقاضه هو العدم في خصوص تلك القطعة من الزمان ، وانتقاضه في غيرها مشكوك فيه ، فيستصحب عدمه ، ويسقط الاستصحابان بالتعارض.
(١) وهما نظر العرف ونظر العقل ، كما اعترف بوجود هذا النّظر العقلي بقوله : «نعم لو كانت العبرة في تعيين الموضوع بالدقة ... إلخ» فيجري الاستصحاب الوجوديّ للنظر العرفي والعدمي للنظر العقلي.
(٢) القائل هو الفاضل النراقي (قده) في المناهج ، حيث قال فيما حكي عنه : «إذا علم أن الشارع أمر بالجلوس يوم الجمعة ، وعلم أنه واجب إلى الزوال ، ولم يعلم بوجوبه فيما بعده ، فنقول : كان عدم التكليف بالجلوس قبل يوم الجمعة وفيه إلى الزوال وبعده معلوما قبل ورود أمر الشارع ، وعلم بقاء ذلك العدم قبل يوم الجمعة وعلم ارتفاعه ، والتكليف بالجلوس فيه قبل الزوال ، وصار بعده موضع شك ، فهاهنا شك ويقينان ، وليس إبقاء حكم أحد اليقينين أولى من إبقاء حكم الآخر» وحاصله كما أوضحناه آنفا : معارضة استصحاب وجود الحكم الثابت قبل زوال يوم الجمعة باستصحاب عدمه الأزلي.
(٣) هذا دفع الإشكال ، توضيحه : أن اعتبار نظري العقل والعرف في باب الاستصحاب منوط بشمول أدلته لهما حتى يوجب شمولها لكلا النظرين وقوع التعارض بين النظرين. لكنه ليس فيها لفظ يشملهما ويجمعهما ، بل يستحيل ذلك ،