غريب (١) ، بداهة أن استحالته (٢) حقيقة غير مستلزم لاستحالته تعبدا ،
______________________________________________________
العرض منوطا بتشخص موضوعه ، فلو انعدم المعروض انتفى العرض القائم به أيضا ، لانتفاء المحتاج عند انتفاء المحتاج إليه. وهذا معنى كون الموضوع من جملة المشخصات. وضمير «تشخصه» راجع إلى العرض ، وضمير «به» إلى الموضوع.
(١) خبر قوله : «والاستدلال» وإشكال عليه بما أفاده المصنف وبعض تلامذة الشيخ كالمحقق الآشتياني (قدسسرهم) (١) ومحصله : أن البقاء على قسمين حقيقي وتعبدي والأول لا ينفك عن معروضه ، وإلّا يستلزم أحد المحذورين المذكورين من بقاء العارض بلا محل ، وانتقال العرض من موضوع إلى آخر. والثاني لا يستلزم شيئا من هذين المحذورين ، إذ مفاد الاستصحاب ترتيب آثار وجود المستصحب كالعدالة مثلا في ظرف الشك في بقائها ، وهذا حكم ظاهري مقتضاه ترتيب آثار العدالة شرعا على العدالة المشكوكة ، وليس مقتضى الاستصحاب بقاء العدالة الواقعية حتى يلزم أحد المحذورين المذكورين.
وعليه فلا مانع من الحكم ببقاء المحمول تعبدا بمعنى لزوم ترتيب آثار وجوده مع الشك في بقاء موضوعه كالتعبد بلزوم ترتيب أحكام العدالة والاجتهاد والزوجية وغيرها شرعا مع الشك في موضوعاتها ، كما هو الحال في مثل قاعدتي الطهارة والحلية ، حيث ان الشارع حكم بحلية وطهارة مشكوكهما كاللباس حتى تجوز الصلاة فيه ، وكذا الحال في سائر التنزيلات التعبدية.
(٢) أي : أن استحالة انتقال العرض حقيقة كما هو مقتضى البرهان العقلي المذكور لا تستلزم استحالة انتقال العرض تعبدا كما هو مقتضى الاستصحاب ، لأنه حكم ظاهري كما عرفت آنفا ، وضمير «لاستحالته» راجع إلى «انتقال».
ولا يخفى أن المصنف اقتصر هنا في رد الدليل العقلي بإمكان انتقال العرض تعبدا من موضوعه إلى موضوع آخر كما عرفت توضيحه. ولكنه في الحاشية جعل إمكان التعبد بالعرض ولو بدون إحراز معروضه جوابا عن كلا شقّي الدليل أعني استحالة الانتقال والبقاء بلا موضوع ، قال فيها : «فان المحال إنما هو الانتقال
__________________
(١) بحر الفوائد ، ٣ ـ ١٦٩