واعتباره ما كان في معرض الاعلال منصرفا منوّنا في أوّل أمره على الأصل الغالب في الكلمات ، وطريان منع الصرف بعد الاعلال ان وجد سببه ، فحذفت الحركتان استثقالا لهما ، بخلاف الفتح ، وحذفت الياء الأخيرة بالتقاء الساكنين ، وحيث تحققت علّة منع الصرف بعد حذفها ـ كما تقدم ـ فحقّه حذف التنوين وعود الياء ، لزوال التقاء الساكنين ، وهو غير مناسب في مثله من غير المنصرف المستثقل ـ لفظا ـ باعتلال اللّام ، ومعنى ـ بالفرعية ـ ، فاعتبر تعويض التنوين عنها ، فالتنوين فيه بعد الاعلال للعوض ، ولا ينافي منع الصرف ، وتعاد الياء مع الاضافة واللّام لعدم التنوين.
وهكذا الحكم عنده في اعيل مصغر الاعلى ، على ما صرح به بعض المحقّقين ، خلافا لمن قدّم منع الصرف على الاعلال ، فانّه أثبت الياء في مصغر الأعلى مع إعراب ما لا ينصرف في الأحوال الثلاث.
ثمّ ان ما اعتبره عمرو في احيّ ، واعيل هو الّذي ذكر السيرافي انّه مذهب سيبويه في باب جوار ، لكن عدل عنه في باب احيّ ادراجا (١) له في القاعدة الكلية فيما اجتمعت فيه الياآت الثلاث من المصعر من حذف الأخيرة ـ نسيا ـ ، ومن ثمّ اعترض سيبويه على أبي عمرو : بأنّ الفرق بينه وبين نحو عطيّ تحكّم ، واعتذر عنه أبو علي الفارسي : بأن نحو : احيّ بسبب المشابهة للفعل بزيادة أوّله كان كالجاري (٢) على الفعل ، ك ـ المحيي ، فلذلك جعل الحذف فيه اعلاليّا ، واعتد في نحوه بالياء المحذوفة كما يعتد بالمحذوف من آخر الفعل ويبقى ما قبله على ما كان عليه ، نحو : لم يرم ، ولم يرض ، بخلاف نحو : عطيّ ممّا ليس فيه تلك الزيادة.
ويجري الأقوال في يحيى ونحوه ممّا في أوّله زيادة أوّل الفعل وتجتمع الياآت
__________________
(١) وفي نسخة : اجراء له بدل قوله : ادراجا له. والظاهر ما أثبتناه.
(٢) والجريان على الفعل له عدّة معاني :
١ ـ الجاري على الفعل في الحركات والسكنات.
٢ ـ الجاري على الفعل في عملها عمل الفعل.
٣ ـ الجاري على الفعل من حيث الاطلاق والتقييد.